احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 262
نمايش فراداده

الإستيلاد في الأم وقد لا يكون من مائه فيرثه إذا كان منسوبا إليه بالفراش ألا ترى أنها لو جاءت بولد من الزنا لم يلحق نسبه بالزاني وكان ابنا لصاحب الفراش فالميراث إنما يتعلق حكمه بثبوت النسب منه لا بأنه من مائه ألا ترى أن ولد الزنا لا يرث الزاني لعدم ثبوت النسب وإن كان من مائه فعلمنا بذلك أن ثبوت الميراث ليس بمتعلق بكونه ولدا من مائه دون حصول النسبة إليه من الوجه الذي ذكرنا قال إسماعيل فإن قيل إنما ورث أباه لأنه من ذلك الأصل حين صار حيا يرث ويورث قيل له فلا ينبغي أن تنقضي به العدة وإن تم خلقه حتى يخرج حيا قال أبو بكر وهذا تخليط وكلام في هذه المسألة من غير وجهه وذلك لأن خصمه لم يجعل وجوب الميراث علة لانقضاء العدة وكون الأم به أم ولد وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين لأن الولد الميت عندهم جميعا تنقضي به العدة ولا يرث وقد يرث الولد ولا تنقضي به العدة إذا كان في بطنها ولدان فوضعت أحدهما ورث هذا الولد من أبيه ولا تنقضي به العدة حتى تضع الولد الآخر فإن وضعته ميتا لم يرثه وانقضت العدة به فلما كان الميراث قد يثبت للولد ولا تنقضي به العدة بوضعه وقد تنقضي به العدة ولا يرث علمنا أن أحدهما ليس بأصل للآخر ولا يصح اعتباره به ثم قال إسماعيل فإن قيل إنه حمل ولكنا لا نعلم ذلك قيل له لا يجوز أن يتعبد الله بحكم لا سبيل إلى علمه والنساء يعرفن ذلك ويفرقن بين لحم أو دم سقط من بدنها أو رحمها وبين العلقة التي يكون منها الولد ولا يلتبس على جميع النساء لحم المرأة ودمها من العلقة بل لا بد من أن يكون فيهن من يعرف فإذا شهدت امرأتان أنها علقة قبلت شهادتهما وقد قال الشافعي أيضا أنها إذا أسقطت علقة أو مضغة لم تستبن شئ من خلقه فإنه يرى النساء فإن قلن كان يجئ منها الولد لو بقيت انقضت به العدة ويثبت بها الإستيلاد وإن قلن لا يجئ من مثلها ولد لم تنقض به العدة ولم يثبت به الإستيلاد وعسى أن يكون إسماعيل إنما أخذ ما قال من ذلك عن الشافعي وهو من أظهر الكلام استحالة وفسادا وذلك لأنه لا يعلم أحد الفرق بين العلقة التي يكون منها الولد وبين مالا يكون منها الولد إلا أن يكون قد شاهد علقا كان منه الولد وعلقا لم يكن منه الولد فيعرف بالعبادة الفرق بين ما كان منه ولد وبين ما لم يكن معه ولد بعلامة توجد في أحدهما دون الآخر في مجرى العادة وأكثر الظن كما يعرف كثير من الأعراب السحابة التي يكون منها المطر والسحابة التي لا يكون منها المطر وذلك بما قد عرفوه من العلامات التي لا تكاد تخلف في الأعم الأكثر فأما العلقة التي كان منها الولد فمستحيل أن يشاهدها إنسان قبل كون الولد منها متميزة من العلقة التي لم يكن منها ولد وذلك