احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 295
نمايش فراداده

بعد الجلد وقال مالك ينفى الرجل ولا تنفى المرأة ولا العبد ومن نفى حبس في الموضع الذي ينفى إليه وقال الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح والشافعي ينفى الزاني وقال الأوزاعي ولا تنفى المرأة وقال الشافعي ينفى العبد نصف سنة والدليل على أن نفي البكر الزاني ليس بحدان منه قوله تعالى والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة يوجب أن يكون هذا هو الحد المستحق بالزنا وأنه كمال الحد فلو جعلنا النفي حدا معه لكان الجلد بعض الحد وفي ذلك إيجاب نسخ الآية فثبت أن النفي إنما هو تعزيز وليس بحد ومن جهة أخرى أن الزيادة في النص غير جائزة إلا بمثلي ما يجوز به النسخ وأيضا لو كان النفي حدا مع الجلد لكان من النبي صلى الله عليه وسلم عند تلاوته توقيف للصحابة عليه لئلا يعتقدوا عند سماع التلاوة أن الجلد هو جميع حده ولو كان كذلك لكان وروده في وزن ورود نقل الآية فلما لم يكن خبر النفي بهذه المنزلة بل كان وروده من طريق الآحاد ثبت أنه ليس بحد وقد روي عن عمر أنه غرب ربيعة بن أمية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل فقال عمر لا أغرب بعدها أحدا ولم يستثن الزنا وروي عن علي أنه قال في البكرين إذا زنيا يجلدان ولا ينفيان وإن نفيهما من الفتنة وروى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن أمة له زنت فجلدها ولم ينفها وقال إبراهيم النخعي كفى بالنفي فتنة فلو كان النفي ثابتا مع الجلد على أنهما حد الزاني لما خفى على كبراء الصحابة ويدل على ذلك ما روى أبو هريرة وشبل وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنقال في الأمة إذا زنت فليجلدها فإن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير وقد حوى هذا الخبر الدلالة من وجهين على صحة قولنا أحدهما إنه لو كان النفي ثابتا لذكره مع الجلد والثاني أن الله تعالى قال أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فإذا كان جلد الأمة نصف حد الحرة وأخبر صلى الله عليه وسلم في حدها بالجلد دون النفي دل ذلك على أن حد الحرة هو الجلد ولا نفي فيه فإن قيل إنما أراد بذلك التأديب دون الحد وقد روي عن ابن عباس أن الأمة إذا زنت قبل أن تحصن أنه لا حد عليها لقوله تعالى أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب قيل له قد روى سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها قال ذلك ثلاث مرات ثم قال في الثالثة أو الرابعة ثم ليبعها ولو بضفير وقوله صلى الله عليه وسلم بعها ولو بضفير يدل على أنها لا تنفى لأنه لو وجب نفيها لما جاز بيعها إذ لا يمكن المشتري تسلمها لأن حكمها أن تنفى فإن قيل في حديث شعبة عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله عن عبادة بن