احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 296
نمايش فراداده

الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني قل جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر والثيب بالثيب البكر يجلد وينفى والثيب يجلد ويرجم وروى الحسن عن قبيصة بن ذؤيب عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وحديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فافتديته منه بوليدة ومائة شاة ثم أخبرني أهل العلم أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم فاقض بيننا بكتاب الله تعالى فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما الغنم والوليدة فرد عليك وأما ابنك فإن عليه جلد مائة وتغريب عام ثم قال لرجل من أسلم اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن عليه جلد مائة وتغريب عام ثم قال لرجل من أسلم أغد يا أنيس علم امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها قيل له غير جائز أن تزيد في حكم الآية بأخبار الآحاد لأنه يوجب النسخ لا سيما مع إمكان استعمالها على وجه لا يوجب النسخ فالواجب إذا كان هكذا حمله على وجه التعزير لا أنه حد مع الجلد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت نفي البكر لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية فرأى ردعهم بالنفي بعد الجلد كما أمر بشق روايا الخمر وكسر الأواني لأنه أبلغ في الزجر وأحرى بقطع العادة وأيضا فإن حديث عبادة وارد لا محالة قبل آية الجلد وذلك لأنه قال خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا فلو كانت الآية قد نزلت قبل ذلك لكان السبيل مجعولا قبل ذلك ولما كان الحكم مأخوذا عنه بل عن الآية قثبت بذلك أن آية الجلد إنه ما نزلت بعد ذلك وليس فيها ذكر النفي فوجب أن يكون ناسخا لما في حديث عبادة من النفي إن كان النفي حدا ومما يدل على أن النفي على وجه التعزير وليس بحد أن الحدود معلومة المقادير والنهايات ولذلك سميت حدودا لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها فلما لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم للنفي مكانا معلوما ولا مقدارا من المسافة والبعد علمنا أنه ليس بحد وأنه موكول إلى اجتهاد الإمام كالتعزير لما لم يكن له مقدار معلوم كان تقديره موكولا إلى رأي الأمام ولو كان ذلك حدا لذكر النبي صلى الله عليه وسلم مسافة الموضع الذي ينفى إليه كما ذكر توقيت السنة لمدة النفي وأما الجمع بين الجلد والرجم للمحصن فإن فقهاء الأمصار متفقون على أن المحصن يرجم ويجلد والدليل على صحة ذلك حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف وإن أبا الزاني قال سألت رجلا من أهل العلم فقالوا على امرأة هذا الرجم فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بل عليها الرجم والجلد وقال لأنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها وليذكر جلدا ولو وجب الجلد مع الرجم لذكره له كما ذكر الرجم وقد وردت قصة ماعز من جهات مختلفة ولم يذكر في شئ منها مع الرجم