احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 297
نمايش فراداده

جلد ولو كان الجلد حدا مع الرجل جلده النبي صلى الله عليه وسلم ولو جلده لنقل كما نقل الرجم إذ ليس أحدهما بأولى بالنقل من الآخر وكذلك في قصة الغامدية حين أقرت بالزنا فرجمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن وضعت ولم يذكر جلدا ولو كانت جلدت لنقل وفي حديث الزهري عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال قال عمر قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وقد قرأنا الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخبر أن الذي فرضه الله هو الرجم وأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ولو كان الجلد واجبا مع الرجم لذكر واحتج من جمع بينهما بحديث عبادة الذي قدمناه وقوله الثيب بالثيب الجلد والرجم وبما روى ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رجلا زنى بامرأة فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد ثم أخبر أنه قد كان أحصن فأمر به فرجم وبما روى أن عليا جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما حديث عبادة فإنا قد علمنا أنه وارد عقيب كون حد الزانيين الحبس والأذى ناسخا له واسطة بينهما بقوله صلى الله عليه وسلم خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ثم كان رجم ماعز والغامدية وقوله واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها بعد حديث عبادة فلو كان ما ذكر في حديث عبادة من الجمع بين الجلد والرجم ثابتا لا يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوجوه وأما حديث جابر فجائز أن يكون جلده بعض الحد لأنه لم يعلم بإحصانه ثم لما ثبت إحصانه رجمه وكذلك قول أصحابنا ويحتمل حديث علي رضي الله عنه في جلده شراحة ثم رجمها أن يكون على هذا الوجه واختلف الفقهاء في الذميين هل يحدان إذا زنيا فقال أصحابنا والشافعي يحدان إلا أنهما لا يرجمان عندنا وعند الشافعي يرجمان إذا كانا محصنين وقد بينا ذلك فيما سلف وقال مالك لا يحد الذميان إذا زنيا قال أبو بكر وظاهر قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة يوجب الحد على الذميين ويدل عليه حديث زيد بن خالد وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها وقوله صلى الله عليه وسلم أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ولم يفرق بين الذمي والمسلم وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين فلا يخلو ذلك من أن يكون بحكم التوراة أو حكما مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان رجمهما بحكم التوراة فقد صار شريعة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن ما كان من شرائع الأنبياء المتقدمين مبقى إلى وقت النبي صلى الله عليه وسلم فهو شريعة لنبينا صلى الله عليه وسلم ما لم ينسخ وإن كان رجمهما على أنه حكم مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم فهو ثابت إذ لم يرد ما