احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 386
نمايش فراداده

وقوله تعالى تحية من عند الله مباركة طيبة يعني إن السلام تحية من الله لأن الله أمر به وهي مباركة طيبة لأنه دعاء بالسلام فيبقى أثره ومنفعته وفيه الدلالة على أن قوله حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها قد أريد به السلام وقوله تعالى وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه قال الحسن وسعيد بن جبير في الجهاد وقال عطاء في كل أمر جامع وقال مكحول في الجمعة والقتال وقال الزهري الجمعة وقال قتادة كل أمر هو طاعة لله قال أبو بكر هو في جميع ذلك لعموم اللفظ وقال سعيد عن قتادة إذا كانوا معه على أمر جامع الآية قال كان الله أنزل قبل ذلك في سورة براءة عفا الله عنك لم أذنت لهم فرخص له في هذه السورة فأذن لمن شئت منهم فنسخت هذه الآية التي في سورة براءة وقد قيل إنه لا معنى للإستئذان للمحدث في الجمعة لأنه لا وجه لمقامه ولا يجوز للإمام منعه فلا معنى للإستئذان فيه وإنما هو فيما يحتاج الإمام فيه إلى معونتهم في القتال أو الرأي وقوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا روي عن ابن عباس قال يعني احذروا إذا أسخطتموه وكان دعاءه عليكم فإن دعاءه مجاب ليس كدعاء غيره وقال مجاهد وقتادة ادعوه بالخضوع والتعظيم نحو يا رسول الله يا نبي الله ولا تقولوا يا محمد كما يقول بعضكم لبعض قال أبو بكر هو على الأمرين جميعا لاحتمال اللفظ لهما وقوله تعالى يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا يعني به المنافقين الذين كانوا ينصرفون عن أمر جامع من غير استئذان يلوذ بعضهم ببعض ويستتر به لئلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم منصرفا قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم معناه فليحذر الذين يخالفون أمره ودخل عليه حرف الجر لجواز ذلك في اللغة كقوله فبما نقضهم ميثاقهم معناه فبما نقضهم ميثاقهم والهاء في أمره يحتمل أن يكون ضميرا للنبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون ضميرا لله تعالى والأظهر أنها لله لأنه يليه وحكم الكناية رجوعها إلى ما يليها دون ما تقدمها وفيه دلالة على أن أوامر الله على الوجوب لأنه ألزم للوم والعقاب يخالفه الأمر وذلك يكون على وجهين أحدهما أن لا يقبله فيخالفه بالرد له والثاني أن لا يفعل المأمور به وإن كان مقرا بوجوبه عليه ومعتقدا للزومه فهو على الأمرين جميعا ومن