احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 388
نمايش فراداده

سورة الفرقان

بسم الله الرحمن الرحيم عز وجل من السماء ماء طهورا الطهور على وجه المبالغة في الوصف له بالطهارة وتطهير غيره فهو طاهر مطهر كما يقال رجل ضروب وقتول أي يضرب ويقتل وهو مبالغة في الوصف له بذلك والوضوء يسمى طهورا لأنه طهر من الحدث المانع من الصلاة وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور أي بما يطهر وقال النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فسماه طهورا من حيث استباح به الصلاة وقام مقام الماء فيه وقد اختلف في حكم الماء على ثلاثة أنحاء أحدها إذا خالط الماء غيره من الأشياء الطاهرة والثاني إذا خالطته نجاسة والثالث الماء المستعمل فقال أصحابنا إذا لم تخالطه نجاسة ولم يغلب عليه غيره حتى يزيل عنه اسم الماء لأجل الغلبة ولم يستعمل لطهارة البدن فالوضوء به جائز فإن غلب عليه غيره حتى يزيل عنه اسم الماء مثل المرق وماء الباقلاء والخل ونحوه فإن الوضوء به غير جائز وما طبخ بالماء ليكون أنقى له نحو الأشنان والصابون فالوضوء به جائز إلا أن يكون مثل السويق المخلوط فلا يجزي وكذلك إن وقع فيه زعفران أو شئ مما يصبغ بصبغه وغير لونه فالوضوء به جائز لأجل غلبة الماء وقال مالك لا يتوضأ بالماء الذي يبل فيه الخبز وقال الحسن بن صالح إذا توضأ بزردج أو نشاسبتح ولم أو بخل أجزأه وكذلك كل شئ غير لونه وقال الشافعي إذا بل فيه خبزا وغير ذلك مما لا يقع عليه اسم ماء مطلق حتى يضاف إلى ما خالطه وخرج منه فلا يجوز التطهر به وكذلك الماء الذي غلب عليه الزعفران أو الأشنان وكثير من أصحابه يشرط فيه أن يكون بعض الغسل بغير الماء قال أبو بكر الأصل فيه قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى قوله فلم تجدوا ماء فيه الدلالة من وجهين على قولنا أحدهما أن قوله فاغسلوا عموم في سائر المائعات بجواز إطلاق اسم