احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 412
نمايش فراداده

وقوله تعالى وأرضا لم تطؤها قال الحسن أرض فارس والروم وقال قتادة مكة وقال يزيد بن رومان خيبر قال أبو بكر من الناس من يحتج به في أن الأرضين العنوية التي يظهر عليها الإمام يملكها الغانمون ولا يجوز للإمام أن يقر أهلها عليها على أنها ملك لهم لقوله وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها وظاهره يقتضي إيجاب الملك لهم ولا دلالة فيه على ما ذكروا لأن ظاهره قوله وأورثكم لا يختص بإيجاب الملك دون الظهور والغلبة وثبوت اليد ومتى وجد أحد هذه الأشياء فقد صح معنى اللفظ قال الله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ولم يرد بذلك الملك وأيضا فلو صح أن المراد الملك كان ذلك في أرض بني قريظة في قوله وأورثكم أرضهم وأما قوله وأرضا لم تطؤها فإنه يقتضي أرضا واحدة لا جميع الأرضين فإن كان المراد خيبر فقد ملكها المسلمون وإن كان المراد أرض فارس والروم لقد ملك المسلمون بعض أرض فارس والروم فقد وجد مقتضى الآية ولا دلالة فيه على أن سبيلهم أن يملكوا جميعها إذ كان قوله وأرضا لم تطؤها لم يتناول إلا أرضا واحدة فلا دلالة فيه على قول المخالف وقوله تعالى أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية حدثنا عبد الله بن محمد المروزي قال حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت لما نزلت وإن كنتن تردن الله ورسوله دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بي فقال يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت قد علم الله تعالى إن أبوي لم يكونا يأمرانني بفراقه قالت فقرأ علي يا أيها النبي قل لأزواجك الآية فقلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة وروى غير الجرجاني عن عبد الرزاق قال معمر فأخبرني أيوب أن عائشة قالت يا رسول الله لا تخبر أزواجك أني أختارك قال إنما بعثت معلما ولم أبعث متعنتا قال أبو بكر اختلف الناس في معنى تخيير الآية فقال قائلون وهم الحسن وقتادة إنما خيرهن بين الدنيا والآخرة لأنه قال كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها إلى قوله وإكنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة وقال آخرون بل كان تخييرا للطلاق على شريطة أنهن إذا اخترن الدنيا وزينتها كن مختارات للطلاق لأنه تعالى قال كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا فجعل اختيارهن للدنيا اختيارا للطلاق ويستدلون عليه أيضا بما روى مسروق