احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 442
نمايش فراداده

عرف ذلك من فحوى كلامه لولا ذلك لما حكم بظلمه قبل أن يسئله فيقر عنده أو تقوم عليه البينة به وقوله تعالى وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض وهو يعني الشركاء يدل على أن العادة في أكثر الشركاء الظلم والبغي ويدل عليه أيضا قوله إلا لالذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم قوله تعالى وظن داود أنما فتناه يدل على أنه عليه السلام لم يقصد المعصية بديا وإن كلام الملكين أوقع له الظن بأنه قد أتى معصية وإن الله تعالى قد شدد عليه المحنة بها لأن الفتنة في هذا الموضع تشديد التعبد والمحنة فحيئنذ علم أن ما أتاه كان معصية واستغفر منها وقوله تعالى وخر راكعا وأناب روى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص وليست من العزائم وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سجدة ص سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا وروى الزهري عن السائب بن يزيد أنه رأى عمر سجد في ص وروى عثمان وابن عمر مثله وقال مجاهد قلت لابن عباس من أين أخذت سجدة ص قال فتلا علي الذين هدى الله فبهداهم اقتده أي فكان داود سجد فيها فلذلك سجد فيها النبي صلى الله عليه وسلم وروى مسروق عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد فيها ويقول هي توبة نبي وقول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها اقتداء بداود لقوله فبهداهم اقتده يدل على أنه رأى فعلها واجبا لأن الأمر على الوجوب وهو خلاف رواية عكرمة عنه أنها ليست من عزائم السجود ولما سجد النبي صلى الله عليه وسلم فيها كما سجد في غيرها من مواضع السجود دل على أنه لا فرق بينها وبين سائر مواضع السجود وأما قول عبد الله أنها ليس بسجدة لأنها توبة نبي فإن كثيرا من مواضع السجود إنما هو حكايات عن قوم مدحوا بالسجود نحو قوله تعالى ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون وهو موضع السجود للناس بالاتفاق وقوله تعالى إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ونحوها من الآي التي فيها حكاية سجود قوم فكانت مواضع السجود وقوله وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون يقتضي لزوم فعله عند سماع القرآن فلو خلينا والظاهر أوجبناه في سائر القرآن فمتى اختلفنا في موضع منه فإن الظاهر يقتضي وجوب فعله إلا أن تقوم الدلالة على غيره وأجاز أصحابنا الركوع عن سجود التلاوة وذكر محمد بن الحسن أنه قد روي في تأويل قوله تعالى وخر راكعا أن معناه خر ساجدا فعبر بالركوع عن