احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 444
نمايش فراداده

عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فأخبر أن الذي في النار من المخطئين هو الذي تقدم على القضاء بجهل قوله تعالى عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد إلى قوله بالسوق والأعناق قال مجاهد صفوان الفرس رفع إحدى يديه حتى تكون على طرف الحافر وذاك من عادة الخيل والجياد السراع من الخيل يقال فرس جواد إذا جاء بالركض قوله تعالى إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي يحتمل وجهين أحدهما إني أحببت حب الخير الذي ينال بهذا الخيل فشغلت به عن ذكر ربي وهو الصلاة التي كان يفعلها في ذلك الوقت ويحتمل إني أحببت حب الخير وهو يريد به الخيل نفسها فسماها خيرا لما ينال بها من الخير بالجهاد في سبيل الله وقتال أعدائه ويكون قوله عن ذكر ربي معناه أن ذلك من ذكري لربي وقيامي بحقه في اتخاذ هذا الخيل قوله تعالى حتى توارت بالحجاب روي عن ابن مسعود حتى توارت الشمس بالحجاب قال أبو بكر وهو كقول لبيد

  • حتى إذا لقيت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها

  • وأجن عورات الثغور ظلامها وأجن عورات الثغور ظلامها

وكقول حاتم

  • أماوي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

  • إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فأضمر النفس في قوله حشرجت وقال غير ابن مسعود حتى توارت الخيل بالحجاب وقوله تعالى ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق روي عن ابن عباس أنه جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبالها وهذا كما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هارون بن عبد الله قال حدثنا هشام بن سعيد الطالقاني قال أخبرنا محمد بن المهاجر قال حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأعجازها أو قال أكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار فجائز أن يكون سليمان إنما مسح أعرافها وعراقيبها على نحو ما ندب إليه نبينا صلى الله عليه وسلم وقد روي عن الحسن أنه كشف عراقيبها وضرب أعناقها وقال لا تشغليني عن عبادة ربي مرة أخرى والتأويل الأول أصح والثاني جائز ومن تأوله على الوجه الثاني يستدل به على إباحة لحوم الخيل إذ لم يكن ليتلفها بلا نفع وليس كذلك لأنه جائز أن يكون محرم الأكل وتعبد الله بإتلافه ويكون المنفعة في تنفيذ الأمر دون غيره ألا ترى أنه كان جائز أن يميته الله تعالى ويمنع الناس