احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 459
نمايش فراداده

معنى الآية على هذا التأويل إيجاب القتال إلى أن لا يبقى من يقاتل وقوله تعالى تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم روي عن مجاهد لا تضعفوا عن القتال وتدعوا إلى الصلح وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا الحسن الجرجاني قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم قال لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها وأنتم الأعلون قال أنتم أولى بالله منهم قال أبو بكر فيه الدلالة على امتناع جواز طلب الصلح من المشركين وهو بيان لما أكد فرضه من قتال مشركي العرب حتى يسلموا وقتال أهل الكتاب ومشركي العجم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية والصلح على غير إعطاء الجزية خارج عن مقتضى الآيات الموجبة لما وصفنا فأكد النهي عن الصلح بالنص عليه في هذه الآية وفيه الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل مكة صلحا وإنما فتحها عنوة لأن الله قد نهاه عن الصلح في هذه الآية وأخبر أن المسلمين هم الأعلون الغالبون ومتى دخلها صلحا برضاهم فهم متساوون إذ كان حكم ما يقع بتراضي الفريقين فهما متساويان فيه ليس أحدهما بأولى بأن يكون غالبا على صاحبه من الآخر وقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره آخر سورة محمد صلى الله عليه وسلم