احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 460
نمايش فراداده

سور الفتح

بسم الله الرحمن الرحيم عز وجل فتحنا لك فتحا مبينا روي أنه أراد فتح مكة وقال قتادة قضينا لك قضاء مبينا والأظهر أنه فتح مكة بالغلبة والقهر لأن القضاء لا يتناوله الإطلاق وإذا كان المراد فتح مكة فإنه يدل على أنه فتحها عنوة إذ كان الصلح لا يطلق عليه اسم الفتح وإن كان قد يعبر مقيدا لأن من قال فتح بلد كذا عقل به الغلبة والقهر دون الصلح ويدل عليه قوله في نسق التلاوة وينصرك الله نصرا عزيزا وفيه الدلالة على أن المراد فتح مكة وأنه دخلها عنوة ويدل عليه قوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح لم يختلفوا أن المراد فتح مكة ويدل عليه قوله تعالى إنا فتحنا لك وقوله تعالى هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين وذكره ذلك في سياق القصة يدل على ذلك لأن المعنى سكون النفس إلى الإيمان بالبصائر التي بها قاتلوا عن دين الله حتى فتحوا مكة وقوله تعالى للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد روي أن المراد فارس والروم وروي أنهم بنو حنيفة فهو دليل على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لأن أبا بكر الصديق دعاهم إلى قتال بني حنيفة ودعاهم عمر إلى قتال فارس والروم وقد ألزمهم الله اتباع طاعة من يدعوهم إليه بقوله تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما فأوعدهم الله على التخلف عمن دعاهم إلى قتال هؤلاء فدل على صحة إمامتهما إذ كان المتولي عن طاعتهما مستحقا للعقاب فإن قيل قد روى قتادة أنهم هوازن وثقيف يوم حنين قيل له لا يجوز أن يكون الداعي لهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ويدل على أن المراد بالدعاة لهم غير النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه لم يدع هؤلاء القوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما