احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 490
نمايش فراداده

سورة الحديد

بسم الله الرحمن الرحيم تعالى يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح الآية روي عن الشعبي قال فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية وفيه أنزلت هذه الآية قالوا يا رسول الله أفتح هو قال نعم عظيم وقال سعيد عن قتادة هو فتح مكة قال أبو بكر أبان عن فضيلة الإنفاق قبل الفتح على ما بعده لعظم عناء النفقة فيه وكثرة الانتفاع به ولأن الإنفاق في ذلك الوقت كان أشد على النفس لقلة المسلمين وكثرة الكفار مع شدة المحنة والبلاء وللسبق أخبرنا إلى الطاعة ألا ترى إلى قوله الذين اتبعوه في ساعة العسرة وقوله والسابقون الأولون فهذه الوجوه كلها تقتضي تفضيلها وقوله تعالى فطال عليهم الأمد الآية يدل على أن كثرة المعاصي ومساكنتها وألفها تقسي القلب وتبعد من التوبة وهو نحو قوله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقوله تعالى آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم روى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل مؤمن شهيد لهذه الآية وجعل قوله والشهد صفة لمن تقدم ذكره من المؤمنين وهو قول عبد الله ومجاهد وقال ابن عباس ومسروق وأبو الضحى والضحاك هو ابتداء كلام وخبره لهم أجرهم ونورهم وقوله تعالى وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها الآية قال أبو بكر أخبر عما ابتدعوه من القرب والرهبانية ثم ذمهم على ترك رعايتها بقوله فما رعوها حق رعايتها والابتداع قد يكون بالقول وهو ما ينذره ويوجبه على نفسه وقد يكون بالفعل بالدخول فيه وعمومه يتضمن الأمرين فاقتضى ذلك أن كل من ابتدع قربة قولا أو فعلا فعليه رعايتها وإتمامها فوجب على ذلك أن من دخل في