احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 508
نمايش فراداده

الزهري وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة الصفي وهو ما كان يصطفيه من جملة الغنيمة قيل أن يقسم المال وكان له أيضا سهم من الخمس فكان للنبي صلى الله عليه وسلم من الفئ هذه الحقوق يصرفها في نفقة عياله والباقي في نوائب المسلمين ولم يكن لأحد فيها حق إلا من يختار هو صلى الله عليه وسلم أن يعطيه وفي هذه الآية دلالة على أن كل مال من أموال أهل الشرك لم يغلب عليه المسلمون عنوة وإنما أخذ صلحا أنه لا يوضع في بيت مال المسلمين ويصرف على الوجوه التي يصرف فيها الخراج والجزية لأنه بمنزلة ما صار للنبي صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير حين لم يوجف المسلمون عليه وقوله تعالى أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول الآية قال أبو بكر بين الله حكم ما لم يوجف عليه المسلمون من الفئ فجعله للنبي صلى الله عليه وسلم على ما قدمنا من بيانه ثم ذكر حكم الفئ الذي أوجف المسلمون عليه فجعله لهؤلاء الأصناف وهم الأصناف الخمس المذكورون في غيرها وظاهره يقتضي أن لا يكون للغانمين شئ منه إلا من كان منهم من هذه الأصناف وقال قتادة كانت الغنائم في صدر الإسلام لهؤلاء الأصناف ثم نسخ بقوله واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه قال أبو بكر لما فتح عمر رضي الله عنه العراق سأله قوم من الصحابة قسمته بين الغانمين منهم الزبير وبلال وغيرهما فقال إن قسمتها بينهم بقي آخر الناس لا شئ لهم واحتج عليهم بهذه الآية إلى قوله والذين جاؤا من بعدهم وشاور عليا وجماعة من الصحابة في ذلك فأشاروا عليه بترك القسمة وأن يقر أهلها عليها ويضع عليها الخراج ففعل ذلك ووافقته الجماعة عند احتجاجه بالآية وهذا يدل على أن هذه الآية غير منسوخة وأنها مضمومة إلى آية الغنيمة في الأرضين المفتتحة فإن رأى قسمتها أصلح للمسلمين وأرد عليهم قسم وإن رأى إقرار أهلها عليها وأخذ الخراج منهم فيها فعل لأنه لو لم تكن هذه الآية ثابتة الحكم في جواز أخذ الخراج منها حتى يستوي الآخر والأول فيها لذكروه له وأخبروه بنسخها فلما لم يحاجوه الذي بالنسخ دل على ثبوت حكمها عندهم وصحة دلالتها لديهم على ما استدل به عليه فيكون تقدير الآيتين بمجموعهما واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك وما أفاء الله على رسوله من الأرضين فلله وللرسول إن اختار تركها على ملك أهلها ويكون ذكر الرسول ههنا لتفويض الأمر عليه في صرفه إلى من رأى فاستدل عمر رضي الله عنه من الآية بقوله كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم وقوله والذين جاؤوا من بعدهم وقال لو قسمتها بينهم لصارت دولة بين الأغنياء منكم ولم يكن لمن جاء بعدهم من المسلمين شئ وقد جعل لهم فيها الحق