احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 525
نمايش فراداده

سورة الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الله تعالى الذي بعث في الأميين رسولا منهم قيل إنما سموا أميين لأنهم كانوا لا يكتبون ولا يقرءون الكتابة وأراد الأكثر الأعم وإن كان فيهم القليل ممن يكتب ويقرأ وقال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر هكذا وهكذا وأشار بأصابعه وقال إنا نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب وقال تعالى رسولا منهم لأنه كان أميا وقال تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وقيل إنما سمي من لا يكتب أميا لأنه نسب إلى حال ولادته من الأم لأن الكتابة إنما تكون بالإستفادة والتعلم دون الحال التي يجري عليها المولود وأما وجه الحكمة في جعل النبوة في أمي إنه ليوافق ما تقدمت به البشارة في كتب الأنبياء السالفة ولأنه أبعد من توهم الإستعانة على ما أتى به من الحكمة بالكتابة فهذان وجهان من الدلالة في كونه أميا على صحة النبوة ومع أن حاله مشاكلة لحال الأمة الذين بعث فيهم وذلك إلى مساواته لو كان ذلك ممكنا فيه فدل عجزهم عما أتى به على مساواته لهم في هذا الوجه على أنه من قبل الله عز وجل وقوله تعالى الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها فيه الآية وروي أنه أراد اليهود الذين أمروا بتعلم التوراة والعمل بها فتعلموها ثم لم يعملوا بها فشبههم الله بالحمار الذي يحمل الكتب وهي الأسفار إذ لم ينتفعوا بما حملوه كما لا ينتفع الحمار بالكتب التي حملها وهو نحو قوله إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا وقوله واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها إلى قوله كمثل الكلب وقوله تعالى قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس إلى قوله والله عليم بالظالمين روي أن اليهود زعموا أنهم أولياء لله من دون الناس فأنزل الله هذه الآية وأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إن تمنوه ماتوا فقامت الحجة عليهم بها