احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 526
نمايش فراداده

من وجهين أحدهما أنهم لو كانوا صادقين فيما ادعوه من المنزلة عند الله لتمنوا صلى الموت لأن دخول الجنة مع الموت خير من البقاء في الدنيا والثاني إنه أخبر أنهم لا يتمنونه فوجد مخبره على ما أخبر به فهذا واضح من دلائل النبوة وقوله تعالى أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية قال أبو بكر يفعل في يوم الجمعة جماعة صلوات كما يفعل في سائر الأفعال ولم يبين في الآية أنها هي واتفق المسلمون على أن المراد الصلاة التي إذا فعلها مع الإمام جمعة لم يلزمه فعل الظهر معها وهي ركعتان بعد الزوال على شرائط الجمعة واتفق الجميع أيضا على أن المراد بهذا النداء هو الأذان ولم يبين في الآية كيفيته وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زائد الذي رأى في المنام الأذان ورآه عمر أيضا كما رآه ابن زيد وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة وذكر فيه الترجيع وقد ذكرنا ذلك عند قوله تعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة وروي عن ابن عمر والحسن في قوله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة قال إذا خرج الإمام وأذن المؤذن فقد نودي للصلاة وروى الزهري عن السائب بن زيد قال ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد يؤذن إذا قعد على المنبر ثم يقيم إذا نزل ثم أبو بكر كذلك ثم عمر كذلك فلما كان عثمان وفشا الناس وكثروا زاد النداء الثالث وقد روي عن جماعة من السلف إنكار الأذان الأول قبل خروج الإمام روى وكيع قال حدثنا هشام بن الغار قال سألت نافعا عن الأذان الأول يوم الجمعة قال قال ابن عمر بدعة وكل بدعة ضلالة وإن رآه الناس حسنا وروى منصور عن الحسن قال النداء يوم الجمعة الذي يكون عند خروج الإمام والذي قبل محدث وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال إنما كان أذان يوم الجمعة فيما مضى واحدا ثم الإقامة وأما الأذان الأول الذي يؤذن به الآن قبل خروج الإمام وجلوسه على المنبر فهو باطل أول من أحدثه الحجاج وأما أصحابنا فإنهم إنما ذكروا أذانا واحدا إذا قعد الإمام على المنبر فإذا نزل أقام على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأما وقت الجمعة فإنه بعد الزوال وروى أنس وجابر وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة إذا زالت الشمس وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال صلى بنا عبد الله بن مسعود وأصحابه الجمعة ضحى ثم قال إنما فعلت ذلك مخافة الحر عليكم وروي عن عمر وعلي أنهما رضي الله عنهما صلياها بعد الزوال ولما قال عبد الله إني قدمت مخافة الحر عليكم علمنا أنه فعلها على غير الوجه المعتاد المتعارف بينهم ومعلوم أن فعل الفروض قبل أوقاتها لا يجوز