احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 546
نمايش فراداده

تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم قيل لقد احتجت هي في أن ذلك في المطلقة الرجعية ومع ذلك فإن جاز عليها الوهم والغلط في روايتها حدثنا مخالفا للكتاب فكذلك سبيلها في النفقة وللحديث عندنا وجه صحيح يستقيم على مذهبها فيما روته من نفي السكنى والنفقة وذلك لأنه قد روي أنها استطالت بلسانها على أحمائها فأمروها بالانتقال وكانت سبب النقلة وقال الله تعالى تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وقد روي عن ابن عباس في تأويله إن تستطيل على أهله فيخرجوها ثم فلما كان سبب النقلة من جهتها كانت بمنزلة الناشزة فسقطت نفقتها وسكناها جميعا فكانت العلة الموجبة لإسقاط النفقة هي الموجبة لإسقاط السكنى وهذا يدل على صحة أصلنا الذي قدمنا في أن استحقاق النفقة متعلق باستحقاق السكنى فإن قيل ليست النفقة كالسكنى لأن السكنى حق الله تعالى لا يجوز تراضيهما على إسقاطها والنفقة حق لها لو رضيت بإسقاطها لسقطت قيل له لا فرق بينهما من الوجه الذي وجب قياسها عليها وذلك لأن السكنى فيها معنيان أحدهما حق لله تعالى وهو كونها في بيت الزوج والآخر حق لهو هو ما يلزم في المال من أجرة البيت إن لم يكن له ولو رضيت بأن تعطي هي الأجر وتسقطها عن الزوج جاز فمن حيث هي حق في المال قد استويا واختلفوا في نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها فقال ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وشريح وأبو العالية والشعبي وإبراهيم نفقتها من جميع المال وقال ابن عباس وجابر وابن الزبير والحسن وابن المسيب وعطاء لا نفقة لها في مال الزوج بل هي على نفسها واختلف فقهاء الأمصار أيضا في ذلك فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد لا سكنى لها ولا نفقة في مال الميت حاملا كانت أو غير حامل وقال ابن أبي ليلى نفقتها في مال الزوج بمنزلة الدين على الميت إذا كانت حاملا وقال مالك نفقتها على نفسها وإن كانت حاملا ولها السكنى إن كانت الدار للزوج وإن كان عليه دين فالمرأة أحق بسكناها حتى ينقضي عدتها وإن كانت في بيت بكراء فأخرجوها لم يكن لها سكنى في مال الزوج هذه رواية ابن وهب وقال ابن القاسم عن مالك لا نفقة لها في مال الزوج الميت ولها السكنى إن كانت الدار للميت وإن كان عليه دين فهي أحق بالسكنى من الغرماء وتباع للغرماء ويشترط السكنى على المشتري وقال الأشجعي عن الثوري إذا كانت حاملا أنفق عليها من جميع المال حتى تضع فإذا وضعت أنفق على الصبي من نصيبه وروى المعافى عنه أن نفقتها من حصتها وقال