احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 550
نمايش فراداده

عليه والتحريم أيضا يمين وهذا عند أصحابنا يختلف في وجه ويتفق في وجه آخر فالوجه الذي يوافق اليمين فيه التحريم أن الحنث فيهما يوجب كفارة اليمين والوجه الذي يختلفان فيه إنه لو حلف أنه لا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه لم يحنث ولو قال قد حرمت هذا الرغيف على نفسي فأكل منه اليسير حنث ولزمته الكفارة لأنهم شبهوا تحريمه الرغيف على نفسه بمنزلة قوله والله لا أكلت من هذا الرغيف شيئا تشبيها له بسائر ما حرمه الله من الميتة والدم أنه اقتضى تحريم القليل منه والكثير واختلف السلف في الرجل يحرم امرأته فروي عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر أن الحرام يمين وهو قول الحسن وابن المسيب وجابر بن زيد وعطاء وطاوس وروي عن ابن عباس رواية مثله وروي عنه غير ذلك وعن علي بن ابي طالب وزيد بن ثابت رواية وابن عمر رواية وأبي هريرة وجماعة من التابعين قالوا هي ثلاث وروى خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقول في الحرام بمنزلة الظهار وروى منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال النذر والحرام إذا لم يسم مغلظة فتكون عليه رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا وروى ابن جبير عن ابن عباس أيضا إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها أما لكم في رسول الله أسوة حسنة وهذا محمول على أنه إذا لم تكن له نية فهو بمنزلة يمين وأنه إن أراد الظهار كان ظهارا وقال مسروق ما أبالي إياها حرمت أو قصعة من ثريد وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ما أبالي حرمت امرأتي أو ماء فراتا قال أبو بكر وليس فيه دلالة على أنهم لم يروه يمينا لأنه لا جائز أن يكون قولهما في تحريم الثريد والماء أنه يمين فكأنهما لم يريا ذلك طلاقا وكذلك نقول أنه ليس بطلاق إلا أن ينويه فلم تظهر مخالفة هذين لمن ذكرنا قولهم من الصحابة واتفاقهم على أن هذا القول ليس بلغو وإنه إما أن يكون يمينا أو طلاقا أو ظهارا واختلف فقهاء الأمصار في الحرام فقال أصحابنا إن نوى الطلاق فواحدة بائنة أن لا ينوي ثلاثا وإن لم ينو طلاقا فهو يمين وهو مول وذكر ابن سماعة عن محمد أنه إن نوى ظهارا لم يكن ظهارا لأن الظهار أصله بحرف التشبيه وروى ابن شجاع عن أبي يوسف في اختلاف زفر وأبي يوسف أنه إن نوى ظهارا كان ظهارا وقال ابن أبي ليلى هي ثلاث ولا أسئله عن نيته وقال مالك فيما ذكر عنه ابن القاسم الحرام لا يكون يمينا في شئ إلا أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق وهو ثلاث إلا أن ينوي واحدة أو اثنتين فيكون على ما نوى وقال الثوري إن نوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة بائنة وإن نوى يمينا فهي يمين يكفرها وإن لم ينو فرقة ولا يمينا فليس