احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 557
نمايش فراداده

سورة المدثر

بسم الله الرحمن الرحيم تعالى ولا تمنن تستكثر قال ابن عباس وإبراهيم ومجاهد وقتادة والضحاك لا تعط عطية لتعطى أكثر منها وقال الحسن والربيع بن أنس لا تمنن حسناتك على الله مستكثرا لها فينقصك إلى ذلك عند الله وقال آخرون لا تمنن بما أعطاك الله من النبوة والقرآن مستكثرا به الأجر من الناس وعن مجاهد أيضا لا تضعف في عملك مستكثرا لطاعتك قال أبو بكر هذه المعاني كلها يحتملها اللفظ وجائز أن يكون جميعها مرادا به فالوجه حمله على العموم في سائر وجوه الاحتمال وقوله تعالى وثيابك فطهر يدل على وجوب تطهير الثياب من النجاسات للصلاة وأنه لا تجوز الصلاة في الثوب النجس لأن تطهيرها لا يجب إلا للصلاة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى عمارا يغسل ثوبه فقال مم تغسل ثوبك فقال من نخامة فقال إنما يغسل الثوب من الدم والبول والمني وقال عائشة أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل المني من الثوب إذا كان رطبا وزعم بعضهم أن المراد بذلك ما روي عن أبي رزين قال عملك أصلحه وقال إبراهيم وثيابك فطهر من الإثم وقال عكرمة أمره أن لا يلبس ثيابه على عذرة وهذا كله مجاز لا يجوز صرف الكلام إليه إلا بدلالة واحتج هذا الرجل بانه لا يجوز أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتاج إلى أن يؤمر بغسل ثيابه من البول وما أشبهه قال أبو بكر وهذ كلام شديد الاختلال والفساد والتناقض لأن في الآية أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر الأوثان بقوله تعالى والرجز فاهجر ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان هاجرا للأوثان قبل النبوة وبعدها وكان مجتنبا للآثام والعذرات في الحالين فإذا جاز خطابه بترك هذه الأشياء وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك تاركا لها فتطهير الثياب لأجل الصلاة مثله وقال الله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم تدع مع الله إلها آخر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع مع الله إلها قط فهذا يدل على تناقض قول هذا الرجل وفساده وزعم أنه من أول ما نزل الله من القرآن قبل كل شئ من الشرائع من وضوء