رسالة فی التسامح فی ادلة السنن

مرتضی بن محمدامین الانصاری

نسخه متنی -صفحه : 16/ 2
نمايش فراداده

مطلوبا في الشرع،أو يتركه لاحتمال أن يكون تركه كذلك،فإنّه أمرمطلوب يشهد به العقل و النقل،مع أنّ
التشريع حرام بالأدلّة الأربعة،و قديوجب الكفر.نعم،يرد على هذا الوجه أنّ الإقدام على الفعل
المذكور إنّما يحسّنه العقل‏إذا كان الداعي عليه احتمال المحبوبيّة و قصد المكلّف إحراز محبوبات
المولى‏إخلاصا أو رجاء الثواب طمعا،و لا كلام لأحد في ذلك،فإنّه ممّا يستقلّ به
العقل‏ضرورة،إنّما الكلام في استحباب نفس الفعل المذكور على حدّ سائر المستحبّات‏ 1)كصاحب الفصول
قدّس سرّه:305،و أخيه المحقّق رحمه اللَّه في هداية المسترشدين:426،و السيّدالمجاهد رحمه اللَّه في
مفاتيح الأصول:347. 2)مصابيح الظلام(شرح المفاتيح)1:127 في شرح قوله:و يكره السفر بعد طلوع الفجر
قبل‏الزوال(يعني يوم الجمعة). 3)كما في مفاتيح الأصول:347.
|140|
حتّى يكون الداعي للمكلّف على فعله هو هذا الاستحباب القطعي الّذي ثبت‏من أدلّة التسامح.فالقائل
بالتسامح يقول:إذا ورد رواية ضعيفة في استحباب وضوءالحائض-مثلا-فلها أن تتوضّأ.بقصد القربة
المحقّقة المجزوم بها،لا أنّ لها أن‏تتوضّأ لاحتمال كون الوضوء مقرّبا في حقّها و مطلوبا منها.و لا
يخفى أنّ نيّةالقربة على وجه الجزم يتوقّف على تحقّق الأمر،و المفروض عدم تحقّقه.و أمّا الأمر
العقلي بحسن الاحتياط و حكمه باستحقاق فاعله الثواب و إن‏لم يصادف فعله المحبوبيّة،بل التسوية في
الثواب بينه و بين من صادف-بناء على‏أنّ الفرق بينهما مخالف لقواعد العدليّة-فهو إنّما يرد على
موضوع الاحتياطالّذي لا يتحقّق إلاّ بعد كون الداعي على الإقدام هو احتمال المحبوبيّة و الثواب،لا
مجرّد فعل محتمل المحبوبيّة،فلا يمكن أن يكون نفس هذا الأمر العقليّ‏القطعيّ داعيا على الإقدام
المذكور.و منه يظهر أنّه لو فرض ورود الأمر الشرعي على هذا الفعل مطابقالحكم العقل و مؤكّدا له،فلا
يعقل أن يصير داعياإلى الفعل،بل الداعي هوالاحتمال المذكور،و هو الّذي يدعو إلى الفعل لو أغمض
الفاعل عن ثبوت‏حسنه و الأمر به و استحقاق الثواب المنجّز عليه عقلا و شرعا.و أيضا فإنّ حكم
العقل‏باستحقاق هذا الفاعل الثواب ثابت و لو في صورة فرض عدم التفاوت الفاعل‏إلى ورود الأمر
الشرعي.فتبيّن أنّ الأمر الشرعيّ الوارد على فعل الاحتياط من حيث هو احتياطليس داعيا (1) للفاعل إلى
الاحتياط و لا منشأ لاستحقاق الثواب.و السرّ فيه:أنّ الاحتياط في الحقيقة راجع إلى ضرب من
الإطاعة،فهي‏ 1)ما بين المعقوفتين ساقط من«ط».
|141|
إطاعة احتمالية،فكما أنّ الإطاعة العلميّة المتحقّقة بإتيان الشي‏ء لأنّه مأمور به‏هي بنفسها
حسنة موجبة لاستحقاق الثواب من غير التفات و احتياج إلى قول‏الشارع:«أطعني في أوامري»و لو فرض أنّه
قال كذلك فالثواب ليس بإزاء هذاالأمر و من جهته،فكذلك الإطاعة الاحتماليّة المتحقّقة بإتيان
الشي‏ء لاحتمال‏كونه مأمورا به هي بنفسها موجبة لاستحقاق الثواب،و لا يحتاج إلى ورود الأمرمن
الشارع،و لو ورد فليس الثواب من جهة هذا الأمر (1) .نعم،لو فرض ورود أمر شرعيّ لا على الموضوع الّذي
حسّنه العقل‏و حكم باستحقاق الثواب عليه و هو«الاحتياط من حيث هو احتياط»بل على‏مجرّد فعل ما
يحتمل استحبابه مطلقا أو من جهة بلوغه إليه بخبر محتمل الصدق‏بحيث يكون إدراك المطلوبات الواقعيّة
و إحرازها داعيا للآمر إلى أمره لاللمأمور إلى فعله،فهو المثبت لما راموه من التسامح.و هذا المعنى
مستفاد من بعض الأخبار الآتية،مع احتمال كون مساق‏جميعها مساق الاحتياط.فحاصل الفرق بين قاعدة
التسامح و قاعدة الاحتياط:أنّ إدراك المطلوب‏الواقعي و الوصول إليه في الأولى داع للآمر إلى أمره و
في الثانية داع للمأمورإلى فعله.و أيضا فالموجب للثواب في الاولى هو الأمر القطعيّ الوارد
بالتسامح،بخلاف الثانية،فإنّ الموجب للثواب هو نفس الاحتياط دون الأمر الوارد به.و أيضا فاحتمال
الحرمة يمنع جريان القاعدة الثانية،لعدم تحقّق عنوان‏«الاحتياط»معه،بخلاف الاولى.و سيأتي ثمرات
أخر للقاعدتين في فروع المسألة،إن شاء اللَّه تعالى. 1)في«ق»بموافقة هذا الأمر.
|142|
الثالث:الأخبار المستفيضة الّتي لا يبعد دعوى تواترها معنى:فمنها:مصحّحة هشام بن سالم عن أبي عبد
اللَّه عليه السلام قال:«من بلغه‏عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلم شي‏ء من الثواب فعمله،كان