انا لا نسلم أن ( من ) للعموم ، ولو سلم فلا نسلم أن اتباع غير سبيل المؤمنين محظور مطلقا ، بل بشرط الاقتران بمشاقة الرسول . ولو سلم ، فغير سبيل المؤمنين هو سبيل الكافرين وهو الكفر . ولو سلم ، فالمؤمنين عام لكل مؤمن ، ولو خص في كل عصر ، فهو عام في العالم والجاهل ، ولو خص بأهل الحل والعقد ، فلفظ السبيل مفرد لا عموم له .
ولو سلم فيحتمل وجوها من التخصيص ، لجواز أن يريد سبيلهم في متابعة الرسول ، أو في مناصرته ( 1 ) ، أو في الاقتداء به فيما صاروا مؤمنين وهو الايمان به ، وإذا قام الاحتمال كان غايته الظهور ، والتمسك بالظاهر انما يثبت بالاجماع ، ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ، فيكون اثباتا للاجماع بما لا يثبتحجيته الا به ، فيصير دورا انتهى . أقول : ويمكن الجواب عن الاية بوجه آخر : بأن المراد بالسبيل الدليل ، لمشاركته الطريق في الايصال ، فالتجوز فيها أولى من الاتفاق على الحكم ، إذ لا مناسبة بينه وبين الطريق ، ونقل عن السيد المرتضى أنها تدل على وجوب اتباع من علم ايمانه ، لا من يكون باطنه بخلاف ظاهره ، وانما يتحقق ذلك في المعصوم . واستدلوا أيضا بقوله تعالى اتبع سبيل من أناب الي ( 2 ) وقوله تعالى وكذلك جعناكم امة وسطا ( 3 ) وقوله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ( 4 ) .
( 1 ) في ( ق ) : مناظرته
. ( 2 )
لقمان : 15
. ( 3 )
البقرة : 143
. ( 4 )
آل عمران : 110 .