اعلم أنه لم يسبقه في هذا العمل أحد من الخطباء الا أبو بكر ، فانه روى أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان من أعيان رجالهم ، في المجلد الأول ، من مسند علي بن أبي طالب عليه السلام أن أحدث أبو بكر على المنبر ، فنزل وقدم أبا ذر ، فصلى بالناس ركعتين ، ولم يلحقه أحد الا معاوية ، فانه أورد صاحب كتاب الحاوية أنه أحدث على المنبر وفضحه صعصعة . وفي المجلد الثاني من كتاب العقد ، قالت له امرأة من قريش : يا عمر ، فوقف فقالت : كنا نعرفك مدة عميرا ، ثم صرت عمر ، ثم صرت أمير المؤمنين ، فاتق الله وانظر في امور الناس ( 1 ) .
وفي البخاري والاحياء : أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله : من أبي ؟
قال : حذافة ، فسأله آخر : من أبي ؟
قال : سالم ، فبرك عمر على ركبتيه وقال بعد كلام : لا تبدين علينا سوءتنا ( 2 ) .
ونقل صاحب كتاب مطالع الأنوار ، وهو علي بن عبد النبي الطائي القطيفي ، عن كتاب الملل والنحل ، قال : كانت صهاك ام عمر أمة لهاشم ، وقيل : أمة لعبد المطلب ، انتقلت الى هشام بن المغيرة ، وكان هشام هذا يتهمها بالمسافحة ، فيلبسها سراويل من الجلود ويقفل على تكة السراويل قفلا من حديد ، وكانت ترعى له ابلا ، فنظر إليها نفيل عبد من عبيد قريش ، وراودها عن نفسها ووقع عليها ، فطاوعته واعتذرت عليه بالسراويل ، فخلا بها في مرعى الابل ، وعلقها بشجرة حتى ارتخى لحمها ، وجر السراويل قليلا قليلا بعد مشقة ، وأقام معها مدة هكذا يفعل ومولاها لا يعلم ، فحملت منه الخطاب ووضعته سرا . فلما أدرك البلوغ نظر الى امه صهاك ، فأعجبه عجيزتها ، فوثب عليها وفجر بها مرارا ، فحملت منه ووضعت بنتا ، فلما ولدتها خافت من مولاها ، فلفتها في ثوب وألقتها بين أحشام مكة ، فوجدها هشام بن المغيرة ، قيل :
( 1 ) العقد الفريد 2 : 201
. ( 2 )
الصراط المستقيم 3 : 29 .