ولم يجعلوا الأئمة المحصورين في عدد معين ، بل من بويع انعقدت امامته إذا كان مستور الحال ، وان كان على غاية من الفسوق والكفر والنفاق ، وقد تقدم اختلافهم في عدد المبايعين ، واختلافهم في أن القرشية هل هي شرط في الامام أم لا ؟ولا يخفى أن ما ذكرناه بعض أقاويلهم السخيفة ، ومن أراد الاستقصاء فعليه بالكتب المطولة ، ولا ريب أن من له أدنى شعور وانصاف إذا نظر الى ما نقلناه من قبائح مذاهب المخالفين لا يختار من المذاهب الا مذهب الامامية ، بشرط أن لا يكون قلبه مريضا بمرض التقليد وحب اتباع الاباء والامهات .
ومن قبائح عقائد المخالفين قولهم بالجبر والتفويض . اعلم أن المخالفين : إما قائلون بالجبر ، وهم ذاهبون الى أن الفعل والترك بقضاء الله والقدر ، وأنه لا مؤثر في الوجود الا الله ، وهو مذهب أكثر المخالفين ، ولكن طائفة منهم وهم الجهمية لا يفرقون بين حركة المرتعش وغيرها من الحركات . وطائفة منهم فرقوا بين الحركتين ، بأنه لا كسب للمرتعش في حركته ، وغير المرتعش له كسب في حركاته ، وفسروا الكسب بأن للعبد في أفعاله قدرة ضعيفة غير مؤثرة ، مع قدرة الله القاهر المؤثرة . ولاريب أن هؤلاء لا ينفعهم اثبات الكسب ، ولا يخرجهم من مفاسد الجبر ، لأن القدرة الضعيفة التي لا تأثير لها مع قدرة الله القاهرة المؤثرة وجودها كعدمها . وإما قائلون بالتفويض ، وهم المعتزلة ، وهؤلاء اعتقدوا أن الله تعالى فوض الأمر الى العبد بحيث يفعل ويترك من غير قضاء الله وقدره ومشيئته . وهذا المذهب أيضا خارج عن الصواب ومخالف للسنة والكتاب .