أن يقتل الشيطان ثم أخذت الملائكة سيفهما منهما وقرروا بينهما أنه من خالف منهما ذلك العهد قتل بسيفه وكان هذا الكلام غير لائق بالعقلاء لكن المجوس متفقون على ذلك
وهم أربع فرق الفرقة الأولى المانوية أتباع ماني وقد كان رجلا نقاشا خفيف اليد ظهر في زمن سابور بن ازدشير بن بابك وادعى النبوة وقال إن للعالم أصلين نور وظلمة وكلاهما قديمان فقبل سابور قوله فلما انتهت نوبة الملك الى بهرام أخذ ماني وسلخه وحشا بجلده تبنا وعلقه وقتل أصحابه إلا من هرب والتحق بالصين ودعوا الى دين ماني فقبل أهل الصين منهم وأهل الصين الى زماننا هذا على دين ماني الثانية الريصانية وهم يقولون بالنور والظلمة أيضا والفرق بينهم وبين المانوية يقولون إن النور والظلمة حيان والديصانية يقولون إن النور حي والظلمة ميتة الثالثة المرتونية وهم يثبتون متوسطا بين النور والظلمة ويسمون ذلك المتوسط المعدل الرابعة المزدكية اتباع مزدك بن نامدان كان موبذ موبذان في زمن قباذ بن فيروز والد أنو شروان العادل ثم ادعى النبوة وأظهر دين الإباحة وانتهى أمره الى أن ألزم قباذ الى أن يبعث إمرأته ليمتع بها غيره فتأذى أنو شروان من ذلك الكلام غاية التأذي وقال لوالده اترك بيني وبينه لأناظره فإن قطعني طاوعته وإلا قتلته فلما ناظر مع أنوشروان انقطع مزدك وظهر عليه أنوشروان فقتله وأتباعه وكل من هو على دين الإباحة في زماننا هذا فهم بقية اولئك القوم
قولون إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم فهم عبدة الكواكب ولما بعث الله أبراهيم ع م كان الناس على دين الصبائية فاستدل إبراهيم ع م عليهم في حدوث الكواكب كما حكى الله تعالى عنه في قوله لا أحب الآفلين واعلم أن عبادة الأصنام أحدث من هذا الدين لأنهم كانوا يعبدون النجوم عند ظهورها ولما أرادوا أن يعبدوها عند غروبها لم يكن لهم بد من أن يصوروا الكواكب صورا ومثلا فصنعوا أصناما واشتغلوا بعبادتها فظهر من ههنا عبادة الكواكب
مذهبهم أن العالم قديم وعلته مؤثرة بالإيجاب وليست فاعله بالاختيار وأكثرهم ينكرون علم الله تعالى وينكرون حشر الأجساد وكان أعظمهم قدرا ارستطاليس وله كتب كثيرة ولم ينقل تلك الكتب أحد أحسن مما نقله الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا الذي كان في زمن محمود بن سبكتكين وجميع الفلاسفة يعتقدون في تلك الكتب اعتقادات عظيمة وكنا نحن في ابتداء اشتغالنا بتحصيل علم الكلام تشوقنا الى معرفة كتبهم لنرد عليهم فصرفنا شطرا صالحا من العمر في ذلك حتى وفقنا الله تعالى في تصنيف كتب تتضمن الرد عليهم ككتاب نهاية العقول وكتاب المباحث المشرقية وكتاب الملخص وكتاب شرح الإشارات وكتاب جوابات المسائل البخارية وكتاب البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان