اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 148
نمايش فراداده

ولو جاز أن يقولوا : هو سجع معجز ، لجاز لهم أن يقولوا : شعر معجز .

وكيف والسجع مما كان يألفه الكهان من العرب ، ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفى الشعر ، لان الكهانة تنافى النبوات ، وليس كذلك الشعر .

وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين جاءوه وكلموه في شأن الجنين :

كيف ندى من لا شرب ولا أكل ( 1 ) ، ولا صاح فاستهل ، أليس دمه قد يطل ؟

فقال : " أسجاعة كسجاعة الجاهلية ؟

" وفى بعضها : " أسجعا كسجع الكهان " فرأى ( 2 ) ذلك مذموما لم يصح أن يكون في دلالته .

والذى يقدرونه ( 3 ) أنه سجع فهو وهم ، لانه قد يكون الكلام على مثال السجع وإن لم يكن سجعا ، لان ما يكون به الكلام سجعا يختص ببعض الوجوه دون بعض ، لان السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذى يؤدى السجع .

وليس كذلك ما اتفق مما هو في تقدير السجع من القرآن ، لان اللفظ يقع فيه تابعا للمعنى .

وفصل بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التى تؤدى المعنى المقصود فيه ، وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ .

ومتى ارتبط المعنى بالسجع ، كانت إفادة السجع كإفادة غيره ، ومتى انتظم ( 4 ) المعنى بنفسه دون السجع ، كان مستجلبا لتحسين ( 5 ) الكلام دون تصحيح المعنى .

فإن قيل : فقد يتفق في القرآن ما يكون من القبيلين جميعا ، فيجب أن تسموا أحدهما سجعا .

قيل : الكلام في تفصيل هذا خارج عن غرض كتابنا ، وإلا كنا نأتى على فصل فصل من أول القرآن إلى آخره ، ونبين في الموضع الذى يدعون الاستغناء عن السجع من الفوائد ما لا يخفى ، ولكنه خارج عن غرض كتابنا .

وهذا القدر يحقق الفرق بين الموضعين .

ثم إن سلم لهم مسلم موضعا أو مواضع معدودة ، وزعم أن وقوع ذلك موقع ( 6 )

( 1 ) في الاصول : " من لا أكل ولا شرب " راجع البيان والتبيين 1 287 - 288 .

( 2 ) م : " فرأى أن ذلك " .

( 3 ) م : " تقررونه " .

( 4 ) س : " ومتى ارتبط " .

( 5 ) س : " مستجلبا لتجنيس " .

( 6 ) م : " وقوع "