اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 381
نمايش فراداده

فصل في كلام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأمور تتصل بالاعجاز

إن قال قائل : إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب - وقد قال هذا في حديث مشهور ، وهو صادق في قوله - فهلا قلتم إن القرآن من نظمه لقدرته في الفصاحة على مقدار لا يبلغه غيره ؟

قيل : قد علمنا أنه لم يتحدهم إلى مثل قوله وفصاحته .

والقدر الذى بينه وبين كلام غيره من الفصحاء ( 1 ) ، كقدر ما بين شعر الشاعرين ، وكلام الخطيبين في الفصاحة ( 2 ) ، وذلك مما لا يقع به الاعجاز .

وقد بينا قبل هذا : أنا إذا وازنا بين خطبه ورسائله وكلامه المنثور ، وبين نظم القرآن - تبين من البون بينهما مثل ما بين كلام الله عز وجل و [ بين ] ( 3 ) كلام الناس ، فلا ( 4 ) معنى لقول من ادعى أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم معجز وإن كان دون القرآن في الاعجاز .

فإن ( 5 ) قيل : لولا أن كلامه معجز لم يشتبه على ابن مسعود الفصل بين المعوذتين وبين غيرهما من القرآن ( 6 ) ؟

( 1 ) كذا في س ، ك . وفى م . : " والقدر الذى بين كلامه وكلامهم من الفصاحة كقدر "

( 2 ) م : " وذلك م الا يقع الاعجاز به "

( 3 ) الزيادة من م "

( 4 ) س : " ولا "

( 5 ) م : " فلو "

( 6 ) يزعم بعض الرواة عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي أنه قال : " كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله " ! ! ! وقال السيوطي في الاتقان 2 137 : " وقال النووي في شرح المهذب : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد منهاشيئا كفر ، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح . وقال ابن حزم في كتاب القدح المعلى ، تتميم المحلى : هذا كذب على ابن مسعود وموضوع " .

وقد أبى ابن حجر إلا تصحيح تلك الرواية ، فقال في شرح البخاري : " فقول من قال إنه كذب عليه مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل بل الرواية صحيحة ، والتأويل محتمل " .

ثم لم يستطع تأويلا مقبولا ، والله يغفر لنا وله .

وانظر تأويل مشكل القرآن ص 20 ، 21 ، 33 - 35 .