قد ذكرنا في الابانة عن معجز القرآن وجيزا من القول ، رجونا أن يكفى ، وأملنا أن يقنع .
والكلام في أوصافه - إن استقصى - بعيد الاطراف ، واسع الاكناف ، لعلو شأنه ، وشريف مكانه .
والذى سطرناه في الكتاب ، وإن كان موجزا ، وما أملينا فيه ، وإن كان خفيفا - فإنه ينبه على الطريقة .
ويدل على الوجه ، ويهدى ( 1 ) إلى الحجة .
ومتى عظم محل الشئ فقد يكون الاسهاب فيه عيا ، والاكثار في وصفه تقصيرا .
وقد قال الحكيم [ وقد ] ( 2 ) سئل عن البليغ : متى يكون عييا ؟
فقال : متى وصف هوى أو حبيبا .
وضل أعرابي في سفر له ليلا ، وطلع القمر فاهتدى به ، فقال : ما أقول لك ؟
أقول ( 3 ) : رفعك الله ؟
وقد رفعك ، أم أقول : نورك الله ؟
وقد نورك ، أم أقول : جملك الله ؟
وقد جملك ! ولولا أن العقول تختلف ، والافهام تتباين ، والمعارف تتفاضل - لم نحتج إلى ما تكلفنا ، ولكن الناس يتفاوتون في المعرفة ، ولو اتفقوا فيها لم يجز أن يتفقوا في معرفة هذا الفن ، أو يجتمعوا في الهداية إلى هذا العلم ، لاتصاله بأسباب [ خفية ] وتعلقه بعلوم غامضة الغور ، عميقة القعر ( 4 ) ، كثيرة المذاهب ، قليلة الطلاب ، ضعيفة الاصحاب ، وبحسب تأتى ( 5 ) مواقعه تقع الافهام دونه ، وعلى قدر لطف مسالكه يكون القصور عنه .
( 1 ) م : " ويهديك "
( 2 ) الزيادة من م ، ك
. ( 3 ) سقطت من م
. ( 4 ) الزيادة من م
. ( 5 ) م : " تنامى "