اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 44
نمايش فراداده

والذى دفعني إلى ذلك القطع ، قول الباقلانى في أول مقدمته : " أما بعد ، فقد وفقت على ما التمسته " الحرة " الفاضلة الدينة - أحسن الله توفيقها - لما تتوخاه من طلب الحق ونصرته ، وتنكب الباطل وتجنبه ، واعتماد القربة باعتقاد المفروض في أحكام الدين ، واتباع السلف الصالح من المؤمنين ، من ذكر جمل ما يجب على المكلفين اعتقاده ، ولا يسع الجهل به ، وما إذا تدين به المرء صار إلى التزام الحق المفروض ، والسلامة من البدع والباطل المرفوض .

وإنى - بحول الله تعالى وعونه ، ومشيئته وطوله - أذكر " لها " جملا مختصرة ، تأتى على البغية من ذلك ، ويستغنى بالوقوف عليها من الطلب ، واشتغال الهمة بما سواه .

فنقول وبالله التوفيق : إن الواجب على المكلف .

" وقول الباقلانى هذا ، يدل دلالة قاطعة على أنه يقدم لرسالة الحرة ، لا لكتاب الانصاف .

ولست أدرى كيف مر محقق الكتاب على هذا الكلام ، دون أن ينتبه لدلالته الناطقة باسمه ، مع علمه بأن القاضى عياضا قد ذكر " رسالة الحرة " ضمن مؤلفات الباقلانى ، ولم يذكر " الانصاف " ! ولست أدرى كيف فاته مع ذلك أن يتنبه إلى النصين الدخيلين على كلام الباقلانى في هذا الكتاب - في ص 58 ، 64 - والمصدرين بقول كاتبهما : " قال الشيخ لاجل الامام جمال الاسلام : ووقع لى أنا دليل . " .

و " قال الشريف الاجل جمال الاسلام : ووقع لى جواب أخصر من هذا وأجود . ؟ !

" ولا مراء في أن هذين النصين من تعليق بعض قراء النسخة على هامشها ، فأدخلهما ناسخها أو طابعها في صلب الكتاب . وقد نقل ابن حزم - في الفصل 4 216 - قولا زعم أن الاشاعرة قالوه في كتبهم وهو : " أن الروح تنتقل عند خروجها من الجسم إلى جسم آخر " ، وعقب عليه بقوله : " هكذا نص الباقلانى في أحد كتبه وأظنه الرسالة ، المعروفة بالحرة . وهذا مذهب التناسخ بلا كلفة " .

ولقد كذب على ابن حزم ظنه ، فليس في رسالة الحرة ما يشير إلى هذا القول المزعوم من قريب أو بعيد ، ولم يرد في رسالة الحرة - من حديث الروح - إلا قوله ص 45 : " ويجب أن يعلمأن كل ما ورد به الشرع من عذاب القبر ، وسؤال منكر ونكير ، ورد الروح إلى الميت عند السؤال ، ونصب الصراط والميزان ، والحوض ، والشفاعة للعصاة من المؤمنين - كل ذلك حق وصدق ، يجب الايمان والقطع به ، لان جميع ذلك غير مستحيل في العقل " .