اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 98
نمايش فراداده

فصل في أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

معجزتها القرآن الذى يوجب الاهتمام التام بمعرفة إعجاز القرآن ، أن بنوة نبينا عليه السلام بنيت ( 1 ) على هذه المعجزة ، وإن كان قد أيد بعد ذلك بمعجزات كثيرة .

إلا أن تلك المعجزات قامت في أوقات خاصة ، وأحوال خاصة ، وعلى أشخاص خاصة .

ونقل بعضها نقلا متواترا يقع به العلم وجودا .

وبعضها مما نقل نقلا خاصا ، إلا أنه حكى بمشهد من الجمع العظيم وأنهم شاهدوه ، فلو كان الامر على خلاف ما حكى لا نكروه ، أو لا نكره بعضهم ،فحل محل المعنى الاول ، وإن لم يتواتر أصل النقل فيه .

وبعضها مما نقل من جهة الآحاد ، وكان وقوعه بين يدى الآحاد .

فأما دلالة القرآن فهى عن معجزة عامة ، عمت الثقلين ، وبقيت بقاء العصرين .

ولزوم الحجة بها في أول وقت ورودها إلى يوم القيامة على حد واحد ، وإن كان قد يعلم بعجز أهل العصر الاول عن الاتيان بمثله - وجه دلالته ، فيغنى ذلك عن نظر مجدد في عجز أهل هذا العصر عن الاتيان ( 2 ) بمثله .

وكذلك قد يغنى عجز أهل هذا العصر عن الاتيان بمثله ، عن النظر في حال أهل العصر الاول .

وإنما ذكرنا هذا الفصل ، لما حكى عن " بعضهم " أنه زعم أنه وإن كان قد عجز عنه أهل العصر الاول فليس أهل هذا العصر بعاجزين عنه ، ويكفى عجز أهل العصر الاول في الدلالة ، لانهم خصوا بالتحدى دون غيرهم ( 3 ) .

( 1 ) م : " أثبتت "

( 2 ) س : " أول العصر عن مثله "

( 3 ) ليس القرآن وإعجازه على ذلك ، فإن أهل العصر الاول لم يخصوا بالتحدى دون غيرهم ، وذلك لان القرآن معجزة باقية على الزمن ، فالتحدي باق معها على الزمن ، فهو تحد لاهل كل عصر كما كان لاهل العصر الاول ، وقد حبا الله هذا الرسول العربي الكريم بالرسالة " مؤيدا بدلالة على الايام باقية ، وعلى الدهور والازمان ثابتة ، وعلى ممر الشهور والسنين دائمة . يزداد ضياؤها على كر الدهور إشراقا ، وعلى مر الليالى والايام ائتلاقا " كما قال الطبري في مقدمة تفسيره 1 3 .

فالاعجاز فيها واقع في كل عصر . والتحدى بها لازم لاهل كل زمان .