استقصا لاخبار دول المغرب الاقصی

احمد بن خالد سلاوی؛ تحقیق: جعفر الناصری، محمد الناصری

نسخه متنی -صفحه : 563/ 522
نمايش فراداده

أبي وكافة عمومتي أن أولاد أبي محلي من ذرية العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وأما جدنا الأشهر
المكنى بأبي محلي فتح الميم والحاء وكسر اللام المشددة بعدها ياء تحتية ساكنة مع كبير شهرته لا علم
لي الآن بسبب تكنيته بذلك ولا بتفاصيل أحواله بعد البحث عنه قال وبخطة القضاء اشتهر نسبنا فنعرف
بأولاد القاضي وزاويتنا بزاوية القاضي ولم تزل بقية العلم في دورنا وخصوصا دار أبي اه
وقال صاحب البستان أبو محلي هذا اسمه أحمد بن عبد الله وينتسب إلى بني العباس ويعرفون في سجلماسة
بأولاد ابن اليسع أهل زاوية القاضي انتهى قلت أما الانتساب إلى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
فقد أنكر ابن خلدون وجود النسبة العباسية في المغرب قال في فصل اختلاط الأنساب وما بعده ما نصه ولم
يعلم دخول أحد من العباسيين إلى المغرب لأنه كان منذ أول دولتهم على دعوة العلويين أعدائهم من
الأدارسة والعبيديين فكيف يسقط العباسي إلى أحد من شيعة العلويين اه ثم قال أبو محلي في الكتاب
المذكور فلما نشأت في حجر والدي بذل مجهوده في تعليمي وقد كانت أمي رأت وهي حامل بي وليا من أولياء
الله تعالى أحد شيوخ التربية ببلدنا وهو الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله السجلماسي قد سقاها قدحا
من لبن وأرجو الله صدق تأويلها بالعلم والدين وحق اليقين قال وكان خروجي لطلب العلم بفاس في حدود
--------------------
27
الثمانين وتسعمائة وأنا يومئذ مراهق أو بالغ الحلم لا همة لي إلا في العلم فأقمت بفاس نحو خمس سنين
إلى أن جاء النصارى إلى وادي المخازن فدهش الناس واستشرت أخا من الطلبة فدلني على الخروج إلى
البادية حتى ينجلي نهار الأمن فخرجت إلى كريكرة فحفظت فيها الرسالة وقد كنت ما حصلت بفاس إلى النحو
ثم رجعت إلى فاس بعد أن زال الدهش بهزيمة النصارى وولاية المنصور والنحو صنعتي وفي الفقه رغبتي
وقد كنت في الخرجة الأولى إلى البادية زرت قبر الشيخ أبي يعزى رضي الله عنه فطلبت الله عنده أن أكون
من الراسخين في العلوم بأسرها وتوبة يتقبلها فما دار علي الحول إلا وأنا بزاوية الشيخ أبي عبد الله
سيدي محمد بن مبارك الزعري لا عن قصد لكوني إذ ذاك مولعا بالعلم أما طريق الفقر فلا تخطر لي ببال لأن
المعتمد يومئذ في فقراء الوقت أخلاق الضلال فكنت أشد الناس حذرا منهم إلى أن انكشف الستر فرأيت ما
رأيت ووعيت فصاحبت شيخي الذي لولاه مع فضل الله لهلكت ولولا هدايته بإذن الله لضللت أعني أبا عبد
الله مولاي محمد بن مبارك الزعري القبيل الجراري السبيل وهو رضي الله عنه من قبيلة عرب بالمغرب يقال
لهم زعير بصيغة التصغير والنسب إليها زعرى على التكبير وهي قبيلة من عرب السوس بالمغرب الأقصى قال
فبقيت في صحبة شيخي المذكور نحوا من ثمان عشرة سنة وما فارقته إلا عن أمره إذ هو الذي وجهني إلى بلدي
سجلماسة من غير اختيار قائلا لي صلاحهم فيك ثم ناولني عصاه وبرنسه ونعله من غير طلب مني لشيء من ذلك
وجعل في رأسي قلنسوة كالخرقة بيده اليمنى عند الوداع فلما استوطنت بلدي عن إذنه زرته منه إحدى عشرة
مرة وفي الأخيرة منها وذلك بعد مقفلي من الحجة الأولى التي كانت سنة اثنتين بعد الألف دعا لي بقوله
بلاك الله أكثر مما بلاني فتأولتها بإقبال الخلق كما ترى وقد صاح عندها صيحة عظيمة لم أر مثلها منه
منذ
--------------------
28
صحبته إذ عادته كانت الطمأنينة ولما توفي رحمه الله بقيت نحوا من ثلاث سنين عاطلا ثم تحلى النحر
بدرر لطائفه الموعود بها فله الحمد على ما أسدى وله الشكر فيما أولى ثم ذكر بقية أشياخه كالشيخ أبي
العباس المنجور والشيخ أبي العباس السوداني والشيخ سالم السنهوري وغيرهم ممن يطول ذكرهم قال ثم
كملت الفائدة بعد المقفل من الحج فرجعت إلى الديار المغربية ونزلت بوادي الساورة ثم تحولت بجميع
عيالي إلى الوادي المذكور هذا ملخص أوليته منقولا من كتابه المذكور
وقال الشيخ أبو العباس أحمد التواتي رحمه الله تعالى في رسالته التي سماها مقامة التحلي والتخلي من
صحبة الشيخ أبي محلي وهي رسالة طويلة مسجعة قال كان الفقيه أبو محلي في أول أمره فقيها صرفا ثم انتحل
طريقة التصوف مدة حتى وقع على بعض الأحوال الربانية ولاحت له مخايل الولاية فانحشر الناس لزيارته
أفواجا وقصدوه فرادى وأزواجا وبعد صيته وكثرت أتباعه قال فلما سمعت بذلك ذهبت إليه وجلست عنده إلى