شرح مسند ابی حنیفه

علی بن سلطان محمد قاری

نسخه متنی -صفحه : 600/ 435
نمايش فراداده

أي من تركها الم أموالهم ( وإن تخالطوهم ) أي في حال الأكل ، الآية ( فإخوانكم ) أي فهم إخوانكم حقيقة ، أو حكما ، فإن المؤمنين أخوة ، ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( والله يعلم المفسد ) في أعماله ( من المصلح ) في أحواله ، وفي هذا وعد ووعيد لمربي اليتيم وأمثاله ( ولو شاء الله لأعنتكم ) أي لأوقعكم في العنت ، وهو المشقة والمحنة ، بعدم جواز المخالطة .

ولكن ما شاءها ، فلم يقع العنت ، لأنه سبحانه قال : ( ليس عليكم في الدين من حرج ) وقال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) وقال عز وجل : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) أي طاقتها ( إن الله عزيز ) أي غالب على أمره ( حكيم ) في تدبيره .

وفي تفسير البغوي ، قال ابن عباس ، وقتادة : " لما نزلت الآية : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن )

وقوله : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية تحرج المسلمون من أموال اليتامى تحرجا شديدا ، أي تحولوا اليتامى عن أموالهم ، حتى كان يصنع لليتيم طعام ، فيفضل منه شئ ، فيتركونه ، ولا يأكلونه حتى يفسد ، فاشتد ذلك عليهم ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( قل إصلاح لهم خير ) أي الإصلاح لأموالهم من غير أجرة ولا أخذ عوض خير وأعظم أجرا .

قال مجاهد : يوسع عليه من طعام نفسه ، ولا يتوسع من طعام اليتيم ( وإن تخالطوهم ) ، هذا إباحة المخالطة ، أي أن تشاركوهم في أموالهم وتخالطوهم بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم وخدمكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضا من قيامكم بأمورهم وتكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم ( فإخوانكم ) ، والإخوان يعين بعضهم بعضا ، ويصيب بعضهم من مال بعض على وجه الإصلاح ، المفسد ) لأموالهم ( من المصلح ) لها ، يعني الذي يقصد بالمخالطة الخيانة ، وإفساد مال اليتيم وآكله بغير حق من الذي يقصد الإصلاح .