شرح مسند ابی حنیفه

علی بن سلطان محمد قاری

نسخه متنی -صفحه : 600/ 563
نمايش فراداده

لعله أراد عدد أيام خلق أصول الدنيا ، المفهوم من قوله سبحانه وتعالى ( الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ) وستة أيام عدد أيام الدنيا باعتبار ما مضى بالنسبة إلى القائل ، وإلا فقد ثبت أن عمر الدنيا سبعة أيام كل يوم ألف سنة ، وإن آخر من يخرج من الناس من عصاة المؤمنين ، من لبث فيها سبعة آلاف سنة ، عمر الدنيا ، ومع هذا قلنا : فلابد من اعتبار كسر فيها ، فأنا نحن الآن في سنة اثني عشر بعد الألف الذي هو السابع ، نعم يتجاوز عن خمسمائة ، وإلا فلزم أن يكون ثمانية آلاف كما حققه شيخ مشايخنا السيوطي في رسالته الكشف في مجاوزة هذه الأمة من الألف ، وخلاصته ، أنه أراد الحقب ثمانون سنة ، وكل سنةاثنتي عشر شهرا وكل شهر ثلاثون يوما ، وكل يوم ألف سنة .

وروى ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه ، كما في تفسير البغوي ، لكن لا يخفى أنه لا يندفع به الاشكال الوارد بحسب الظاهر لمتبادر في قوله سبحانه ( إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا . لابثين فيها أحقابا ) فإن قد يتوهم منه انقطاع العذاب بعد لبث الأحقاب .

فالأظهر في الجواب ، أن العدد لا مفهوم له ، أو هو ليس ظرفا لما قبله من قوله لابثين ، بل لما بعده من قوله ( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا ) فيفيد أنهم بعدها يذوقون أشياء أخر ، من ضريع وزقوم ، وصديد ونحوها ، والمراد ، التكثير لا التحديد ، فقد قال الحسن : إن الله تعالى لم يجعل لأهل النار مدة ، بل قال : ( لابثين فيها أحقابا ) فوالله ما هو إلا أنه مضى حقب دخل إلى الأبد ، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود .