إذا كان كلى قائما بوفائه الذات وهي الآخرة وما فيها معنى قوله تحلى ذات وهي المكاشفة كشوف القلب في الدنيا كقول عبد الله بن عمر كنا نتراءى الله في ذلك المكان يعني في الطواف وقال النبي صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه وكشوف العيان في الآخرة ومعنى قوله تجلى صفات الذات وهي موضع النور هو أن تتجلى له قدرته عليه فلا يخاف غيره وكفايته له فلا يرجو سواه وكذلك جميع الصفات كما قال حارثة كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا كأنه تجلى له كلامه في أخباره فصار الخبر له كالمعاينة وتحلى حكم الذات يكون في الآخرة فريق في الجنة وفريق في السعير قال بعض الكبار علامة تجلى الحق للاسرار هو أن لا يشهد السر ما يتسلط عليه التعبير أو يحويه الفهم فمن عبر أو فهم فهو خاطر استدلال لا ناظر إجلال معناه أن يشهد ما لا يمكنه العبارة عنه أي التعبير عنه لانه لا يشهد إلا تعظيما وهيبة فيمنعه ذلك عن تحصيل ما شاهد من الحال وأنشدونا لبعضهم
معناه إذا بدت الحقيقة غلب على التعظيم فأغيب في شاهد التعظيم عن شهود التحصيل فأكون كمن لم يبد له وإنما يكون وجودي له إذا غبت عني وإذا غبت فقد وجودي فحالة الوصل الذي هو فنائي عني لا يشهدني غيره وحالة الانفراد وقيامي بصفتي يغييبني عن شهوده فكأن جمعي به فرقني عني فيكون حالة الوصل هو أن يكون الله عز وجل مصرفي فلا أكون أنا في أفعالي فهو الله تعالى لا أنا كما قال الله تعالى لنبيه وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وهذا لسان الحال ولسان العلم أن الله مصرفي وأنا به متصرف فيكون المعبود والعبد وقال بعضهم التجلي رفع حجبة البشرية لا أن تتلون ذات الحق جل وعز عن ذلك وعلا والاستتار أن تكون البشرية حائلة بينك وبين شهود الغيب ومعنى رفع حجبة البشرية أن يكون الله تعالى يقيمك تحت موارد ما يبدو لك من الغيب لان البشرية لا تقاوم أحوال الغيب والاستتار الذي يعقب التجلي هو أن تستتر الاشياء عنك فلا تشاهدها كقول عبد الله بن عمر للذي سلم عليه وهو في الطواف فلم يرد عليه فشكاه فقال إنا كنا نتراءى الله في ذلك المكان أخبر عن تجلى الحق له بقوله كنا نتراءى الله وأخبر عن الاستتار بغيبته عن التسليم عليه وأنشدنا لبعض الكبار
فالفناء هو أن يفنى عنه الحظوظ فلا يكون له في شيء من ذلك حظ ويسقط عنه التمييز فناء عن الاشياء كلها شغلا يما فنى به كما قال عامر بن عبد الله ما أبالي امرأة رأيت أم حائطا والحق يتولى تصريفه فيصرفه في وظائفه وموافقاته فيكون محفوظا فيما لله عليه مأخوذا عما له وعن جميع المخالفات فلا يكون له إليها سبيل وهو العصمة وذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم كنت له سمعا وبصرا الخبر والبقاء الذي