قد تقدّم منّا أنّ البدعة في الأذان بإدخال التثويب ليس فريداً في بابه، بل له نظير آخر، وهو: حذف «حيّ على خير العمل» من فصول الأذان والإقامة،وذلك لغاية أن لا يكون الإعلان به في الأذان سبباً في تثبيط العامة عن الجهاد، لأنّ الناس إذا عرفوا أنّ الصلاة خير العمل، لاقتصروا عليها وأعرضوا عن الجهاد.
وهذا بعين اللّه إطاحة بالتشريع وتصرّفٌ فيه، بتفلسف تافه. فانّ المشرّع كان واقفاً على هذا المحذور، ومع ذلك أدخله في الأذان.
قال القوشجي ـ وهو من متكلّمي الأشاعرة ـ ناقلاً عن الخليفة الثاني أنّه قال على المنبر:
ثلاث كنّ على عهد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأنا أنهى عنهنّ وأُحرّمهنّ وأُعاقب عليهنّ: وهي متعة النساء، ومتعة الحج، وحيّ على خير العمل. (1)
وقد أطبقت الشيعة على كونه جزءاً من الأذان، وعلى ذلك جروا ، من العهد النبوي إلى يومنا هذا، وصار ذلك شعاراً لهم. وإنّ كثيراً من المؤرّخين يكنّون عن
1 . علاء الدين القوشجي (المتوفّـى عام 879 هـ بالقسطنطينية): شرح التجريد:484. اقرأ ترجمته في كتابنا «بحوث في الملل والنحل ج2 ـ ط. بيروت.