أنصاف فی مسائل دام فیها الخلاف

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 536/ 420
نمايش فراداده

نعم روي ذلك مرفوعاً عن أبي هريرة، كما روي أنّ عمر كان يترك القران والتمتع ويذكر أنّ ذلك أتمّ للحجّ والعمرة وأن يعتمر في غير شهور الحجّ، فانّ اللّه تعالى يقول: (الحَجُّ أَشهرٌ مَعْلُومات) وروى نافع عن ابن عمر أنّه قال: «فرّقوا بين حجِّكم وعمرتكم».(1)

كما روي ذلك القول عن قتادة أنّه قال: «الاعتمار في غير أشهر الحج»(2)، ولعلّه أراد العمرة المفردة لا عمرة التمتّع التي لا تنفكّ عن الحجّ.

فظهر ممّا ذكرنا انّ المراد بإتمام الحجّ والعمرة للّه هو إكمالهما على النحو المقدور، فإن لم يمنع حابس يكمله بإتيان عامّة الأجزاء وإن حُصِـر، يخرج من الإحرام على النحو الذي سيوافيك، وهو أيضاً نوع من الإتمام.

وأمّا تفسير الإتمام بإنشاء السفر لكلّ من العمرة والحجّ، فغير مفهوم من الآية ومخالف لسيرة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ حيث أمر أصحابه بإدخال العمرة في الحجّ وتبديل النيّة من الحجّ إلى العمرة، و قد كان ذلك شاقّاً على أصحابه، لأنّهم كانوا قد أحرموا للحجّ على النحو الرائج في العصر السابق، فمن حاول تفسير الآية بتفكيك العمرة عن الحجّ بإنشاء سفرين: أحدهما في أشهر الحجّ والآخر يعني: العمرة في غيره، فقد فسَّـر الآية برأيه أوّلاً، وخالف سنّة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ثانياً.

2. إذا أُحصر بالعدو أو المرض

لمّا أمر سبحانه حجاج بيته بإتمام الحجّ والعمرة وإكمالهما، حاول بيان وظيفة المحصر الذي يمنعه حابس عن إكمال الحجّ والعمرة، فقال: (فَإِنْ أُحصرْتُمْ فَما

1 . تفسير الرازي:5/145.2 . التبيان:1/154.