محصول فی علم الأصول

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 509/ 207
نمايش فراداده

الفصل الثاني:

في صيغة الأمر وفيه مباحث

المبحث الأوّل

ما هو معنى صيغة «افعل»

لا شكّ أنّ صيغة الأمر استعملت في اللغة في معان، كالتمنّي والترجّي والتهديد والتعجيز و التسخير و غير ذلك، إنّما الكلام في تعيين ما وضعت له الصيغة.

فذهب المحقّق الخراساني إلى أنّها موضوعة لإنشاء الطلب، غاية الأمر أنّ الداعي يختلف، فتارة يكون هو البعث والتحريك الحقيقي، و أُخرى يكون غيره، فيكون حقيقة في الأوّل و مجازاً في الثاني.(1)

ولا يخفى ما في كلامه من المناقشة:

أمّا أوّلاً: فانّ الظاهر أنّ الصيغة موضوعة لإنشاء البعث، كما أنّ النهي موضوع لإنشاء الزجر، و يدلُّ على ذلك، ما ربّما يقوم مكان الصيغة في غير مواقع التكلّم. فانّ إشارة المولى إلى العبد بالخروج من البيت ليس إلاّ بعثاً له نحو المأمور به، و يقوم مقام: «اذهب»، أو «اخرج» و مثله إغراء جوارح الطير، و الكلاب المعلَّمة و غيرها لعمل الصيد وغيره، غير أنّ البعث في الإنسان باللفظ غالباً، و في غيره بالحركات والإشارات و الأصوات. فلو قال مكان إنشاء الطلب: إنشاء البعث لكان أولى، اللّهمّ إلاّ أن يكون مراده من الطلب هو البعث الإنشائي كما

(1) كفاية الأُصول:1/102.