محصول فی علم الأصول

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 509/ 477
نمايش فراداده

فالفعل ليس نقيضاً للواجب.

أمّا الأوّل فإنّ النقيض و إن كان رفع ترك الصلاة، لا نفس الصلاة إلاّ أنّفعلها يعدّعرفاً نقيضاً له و إن كان عقلاً ليس كذلك، و ذلك لأنّه لما لم يكن له إلاّ ملازم واحد، أو مقارن فارد، فيتلقاه العرف أنّها عين النقيض فيسري حكم رفعُ ترك الصلاة الموصل، إلى نفس الصلاة.

وأمّا الثاني ـ أعني: كون الواجب هو ترك الصلاة الموصل ـ فليس كلّ من الفعل والترك المجرّد نقيضاً، لأنّ نقيض الواحد واحد. كما أنّه ليس الجامعُ بينهما نقيضاً، لامتناع الجامع بين الوجود والعدم. فينحصر نقيضه بنفس رفع الترك الموصل،وهو ينطبق بالعرض، على الفعل تارة و على الترك المجرّد أُخرى. وحرمة الشيء لا تسري إلى مقارناته.

ومع ذلك كلّه، لا جدوى في البحث عن الثمرة، لابتنائها على أُصول لم يسلّم واحد منها والأولى ردّ الثمرة، بإبطال المقدّمات الأربع التي تعرفت عليها، لا من الناحية التي ورد عنها الشيخ الأعظم.

القول السادس : وجوب المقدّمة حال الإيصال(1)

قدعرفت أنّا لو قلنا بوجوب المقدّمة، فلا مناص لنا عن القول بوجوب الموصلة منها، اعتماداً على الأدلّة الثلاثة التي أقامها صاحب الفصول، وإن لم نعتمد على الدليل الرابع الذي نسب إلى السيد الطباطبائي صاحب العروة.

ولكن بعض المحقّقين لما رأى إشكالات القول بالمقدّمة الموصلة، بأن يكون الإيصال قيداً، حاول تفسير المقدّمة الموصلة بالقول بوجوب المقدّمة حال

الإيصال. و يمكن تقريره بوجوه:

الوجه الأوّل: ما أفاده السيد المحقّق البروجردي، و حاصله أنّ متعلّق الوجوب ذاتُ ما يوجد من المقدّمات مصداقاً للموصل، لا بوصف الموصلية. بمعنى أنّ الشارع رأى أنّ المقدّمات في الخارج على قسمين. قسم منها يوصل إلى ذيها و يترتّب هو عليها واقعاً، وقسم منها لا يوصل، فخصّالوجوب بالقسم الأوّل ـ أعني: ما يكون بالحمل الشائع مصداقاً للموصل ـ و ليست الموصلية قيداً مأخوذاً في الواجب بنحو يجب تحصيله، بل هي عنوان مشير إلى ما هو واجب في الواقع، و إنّما خصّ الوجوب به لأنّ المقدّمة ليست مطلوبة في حدّ الذات، بل مطلوبيّتها لأجل ذيها، فيختصّ طلبُها بما هو ملازم للمطلوب بالذات.

ثمّ ردّه المحقّق البروجردي بأنّ ما ذكرمن المقدّمة الموصلة ليس أمراً جديداً، بل هو نفس ما ذكره بعض القدماء من اختصاص الوجوب بالمقدّمة السببيّة، فانّ المقدّمة التي تكون موصلة في متن الواقع و يترتّب عليها ذو المقدّمة لا تنطبق إلاّ على المقدّمة السببيّة.(2)

يلاحظ عليه: أنّه ليس المراد من الموصلية، العلّة التامّة، حتى يكون ذلك عين التفصيل المروي عن بعضهم، بل المراد كلّ ما يقع في طريق المراد بالذات، من: الشرط، والمعِّد، والسبب، وارتفاع المانع. فكلّ منها بحياله، متّصف بالموصلية إذا وقع في طريق المطلوب.

فالشرط على قسمين: قسم يترتّب عليه المشروط، و هو ما إذا اجتمعت سائر أجزاء العلّة. و قسم لا يترتّب عليه، و هو ما إذا لم تجتمع. و هكذا المعِّد.

فالمغالطة حصلت في تفسير الموصلية، فتخيّل أنّ معناها كون المقدّمة علّة تامّة ، مع أنّالمقصود منها ما يقع في طريق سلسلة وجود الشيء، و هذا بنفسه يعمّ جزء من أجزاء العلّة التامّة.

(1) الفرق بين القول السابق وهذا القول واضح، فانّ الإيصال فيما مضى أخذ قيداً، بخلاف المقام فلم يؤخذ قيداً و إن كان لا ينطبق إلاّ على المقيّد.(2) نهاية الأُصول، ص 179ـ 180.