والحاصل أنّاللفظ إمّا أن يتلفّظ به علماً، فعندئذ يكون مفرداً لا يدلّ جزء لفظه على جزء معناه، و إمّا يتلفّظ به بما أنّه مركّب من لفظين مستقلّين، لكلّ معنى خاص، و إن أُضيف أحدهما إلى الآخر، فعندئذ و إن كان يدلّ جزء لفظ على جزء معناه، لكنّه لا يكون مفرداً.
فالظاهر من عبارة المحقّق الطوسي أنّه ممّن ذهب إلى أنّ الدلالة اللفظية تابعة لإرادة المتلفّظ. و لأجل ذلك أوضحه صاحب المحاكمات في محاكماته بين شارحي الإشارات: الإمام الرازي والمحقّق الطوسي بقوله: لمّا كانت دلالة اللفظ على المعنى بالمطابقة، ووضعية، كانت موقوفة على إرادة المتلفّظ ذلك المعنى إرادة جارية على قانون الوضع، إذ الغرض من الوضع تأدية ما في الضمير. و ذلك يتوقّف على إرادة اللافظ فمالم يرد المعنى من اللفظ لم تجد له دلالة عليه.
ثمّ أورد عليه بأنّه لم يفرق بين الدلالة و الاستعمال، فانّه في إطلاق اللفظ و إرادة المعنى و أمّا دلالته فلا تعلّق لها بالإرادة أصلاً.(1)
إنّكلّ من فسّر الوضع بالتعهد والالتزام بأنّه كلّما أطلق اللفظ أراد منه المعنى، كالمحقّق النهاونديقدَّس سرَّه والمحقّق الخوئي ـدام ظلّهـلا مناص له عن القول باختصاص الدلالة الوضعية(2) بصورة قصد التفهيم و إرادة المعنى من اللفظ بنحو من الأنحاء الآتية و لعلّ كونها قيداً للعلقة أوضح، فانّالالتزام و التعهد إنّما يتعلّقان بالأمر الاختياري، و ما يقع تحت اختيار الواضع هو ذاك. و أمّا الالتزام بكون اللفظ دالاً على معناه ولو صدر منه عن غير شعور أو اختيار، فلا يعقل أن يكون طرفاً للالتزام و الاختيار. و بالجملة، إنّما يتعلّق الالتزام بفعل
(1) شرح الإشارات:1/32.(2) سيوافيك أنّ الدلالة الوضعية عند هذين العلمين هي الدلالة التفهيمية عندنا فانتظر.