وترسم الشاه طهماسب خطى أبيه الشاه إسماعيل في تأييد المذهب، وقد بالغ في إكرام العلماء وأهل الدين، حتى جعل أمر المملكة بيد عالم العصر المحقق الثاني الشيخ علي عبد العال، وقال له فيما قال : أنت أولى مني بالملك، لأنك نائب الإمام حقاً، وأنا عامل منفذ، وكتب إلى جميع الولاة، وأرباب المناصب بإطاعة الشيخ، والعمل بأوامره وتعاليمه، فكان الشيخ يطبق الشرع الشريف، ويقيم الحدود، كما عين الأئمة للصلاة، والمدرسين في المدارس، والوعاظ لبث المذهب ونشره.ومن آثار الشاه طهماسب ترميم الحائر الحسيني، واصلاحه، وتوسيع الصحن، وتجديد المنارة المعروفة بمنارة العبد.ولد هذا الشاه سنة 919 هجري، وملك سنة 930، ومات سنة 984، وكانت مدة ملكه 54 سنة.وكان له أولاد كثر، تنازعوا الملك بعده، وتغلب أحدهم على اخوته، وهو إسماعيل الثاني، وبقي في الحكم سنة واحدة وبضعة أشهر، وقام بعده أخوه محمد خدابنده، وكان أعمى، ضعيف الرأي، وقد اضطرب أمر المملكة على عهده، وقامت ثورات وفتن، وانشق عليه ولده عباس، واستقل بالحكم.
_______________
_ 1 - عن كتاب تحفة العالم إن السلطان التركي حين توجه إلى النجف الأشرف، ورأى القبة العلوية من مسافة أربعة فراسخ ترجل عن فرسه، ولما سئل عن السبب قال : اهتزت أعضائي لمرأى القبة، فقيل له : إنك لا تستطيع المشي، فتفأل بالقرآنِ الكريم، فخرجت هذه الآية : «فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى»، فاضطر إلى السير على الأقدام.