و الكلام اما في فضلها، او فيما فيه الجماعة من الصلوات، او فيما به الجماعة اي تتحقق الجماعة به، او في شرائطها و آدابها و لوازمها، او في احكامها.
فهاهنا مقدمة و فصول
اعلم ان فضلها عظيم و ثوابها جسيم، قال الله سبحانه: «و اركعوا مع الراكعين » (1) .
و قد ورد في فضلها و ذم تاركها ضروب من التاكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات.
فمن الاول صحيحة ابن سنان: «الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ باربع و عشرين درجة » (2) .
و الفذ بالفاء و الذال المعجمة و التشديد: الفرد.
و حسنة زرارة: ما يروي الناس ان الصلاة في جماعة افضل من صلاة الرجل وحده بخمسة و عشرين صلاة؟ فقال: «صدقوا» فقلت: الرجلان يكونان جماعة؟ فقال: «نعم » (3) .
و رواية محمد بن عمار: عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة افضل او صلاته في جماعة؟ فقال: «الصلاة في جماعة افضل » (4) .
هذا، مع ما ورد: «ان الصلاة المكتوبة في مسجد الكوفة لتعدل بالف صلاة، و ان النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة، و ان الجلوس فيه بغير تلاوة و لا ذكر لعبادة » (5) .
و مرسلة الفقيه: «من صلى الغداة و العشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة الله عز و جل » (6) .
و المروي في روض الجنان عن كتاب الامام و الماموم للشيخ ابي محمد جعفر ابن احمد القمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: اتاني جبرئيل مع سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر، فقال: يا محمد، ان ربك يقرئك السلام و اهدى اليك هديتين.قلت: ما تلك الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات و الصلاة الخمس في جماعة.قلت: يا جبرئيل، ما لامتي في الجماعة؟ قال:
يا محمد، اذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة و خمسين صلاة، و اذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة، و اذا كانوا اربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة الفا و مائتي صلاة، و اذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة الفين و اربعمائة صلاة، و اذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة اربعة آلاف و ثمانمائة صلاة، و اذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف و ستمائة صلاة، و اذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر الفا، و مائتي صلاة، و اذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة و ثلاثين الفا و اربعمائة صلاة، و اذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة سبعين الفا و الفين و ثمانمائة صلاة، فان زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها مدادا و الاشجار اقلاما و الثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا ان يكتبوا ثواب ركعة.يا محمد، تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير من ستين الف حجة و عمرة و خير من الدنيا و ما فيها بسبعين الف مرة، و ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مائة الف دينار يتصدق بها على المساكين، و سجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من مائة عتق رقبة » (7) .
و المروي في النفلية عن الصادق عليه السلام: «الصلاة خلف العالم بالف ركعة و خلف القرشي بمائة » (8) الى غير ذلك.
و لا يخفى انه اذا اجتمعت الجماعة-التي هي بنفسها تجعل الواحدة خمسا و عشرين-مع العالم تصير خمسا و عشرين الفا، ثم اذا كانت في مسجد السوق الذي الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة تصير ثلثمائة الف صلاة، و اذا كانت في مسجد القبيلة الذي الصلاة فيه بخمسة و عشرين تصير ستمائة و خمسة و عشرين الف صلاة، و اذا كانت في المسجد الاعظم في بلدة او قرية اي ما هو مجتمع القبائل الذي تعدل الصلاة فيه مائة صلاة تصير اثنتي الف الف صلاة و خمس مائة الف صلاة، على الروايات المشهورة من ان الصلاة الواحدة في الجماعة بخمس و عشرين صلاة (9) .
و اما على الرواية الطويلة المصرحة بان ركعة منها تعدل مائة و خمسين صلاة حتى تكون صلاة واحدة رباعية ستمائة صلاة، تصير مع العالم ستمائة الف، و معه في المسجد الاعظم ستين الف الف، و اذا كان الامام مع ذلك قرشيا تصير ست الف الف الف.هذا كله اذا كان الماموم واحدا، و اذا زاد زاد بزيادته الثواب الى ما لا يبلغه الحساب.
و من الثاني صحيحة زرارة و الفضيل: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ قال:
«الصلاة فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلها، و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له » (10) .
و صحيحة محمد: «لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد الا مريض او مشغول » (11) .
و رواية ابن ابي يعفور: «هم رسول الله صلى الله عليه و آله باحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم و لا يصلون الجماعة، فاتاه رجل اعمى فقال:
يا رسول الله اني ضرير البصر و ربما اسمع النداء و لا اجد من يقودني الى الجماعة و الصلاة معك، فقال له النبي صلى الله عليه و آله: شد من منزلك الى المسجد حبلا و احضر الجماعة » (12) .
و مرسلة الفقية: قال رسول الله صلى الله عليه و آله لقوم: «لتحضرن المسجد او لاحرقن عليكم منازلكم » (13) .
و صحيحة ابن سنان: «ان اناسا كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله ابطؤوا عن الصلاة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان نامر بحطب يوضع على ابوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق بيوتهم » (14) .
و مشهورة ابن ابي يعفور و فيها: «لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين الا من علة، و لا غيبة لمن صلى في بيته و رغب عن جماعتنا، و من رغب عن جماعة المسلمين وجبت على المسلمين غيبته، و سقطت بينهم عدالته، و وجب هجرانه، و اذا دفع الى امام المسلمين انذره و حذره، فان حضر جماعة المسلمين و الا احرق عليه بيته » (15) .
و المروي في مجالس الصدوق و محاسن البرقي و ثواب الاعمال: «قال رسول الله صلى الله عليه و آله: لينتهين اقوام لا يشهدون الصلاة او لآمرن مؤذنا يؤذن، ثم آمر رجلا من اهل بيتي-و هو علي-فليحرقن على اقوام بيوتهم لانهم لا ياتون الصلاة » (16) .
و في مجالس الشيخ: «رفع الى امير المؤمنين ان قوما من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد، فقال: ليحضرن معنا صلاتنا جماعة او ليحولن عنا و لا يجاورونا و لا نجاورهم » (17) .
و فيه ايضا: «ان امير المؤمنين عليه السلام بلغه ان قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: ان قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا و لا يشاربونا و لا يشاورونا و لا يناكحونا او يحضروا معنا صلاتنا جماعة، و اني لاوشك[ان آمرهم]بنار تشعل في دورهم فاحرقها عليهم او ينتهون.قال:
فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم و مشاربتهم و مناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين » (18) الى غير ذلك.
ثم المستفاد من كثير من هذه الاخبار و ان كان وجوبها و حرمة تركها كما عن اكثر العامة فان منهم من فرضها على الاعيان (19) ، و منهم من قال انها فرض كفاية في الصلوات الخمس (20) ، الا انه لم يقل به احد من علمائنا و اجمعوا على عدم وجوبها و به صرفت تلك الاخبار عن ظواهرها.
مضافا الى التصريح به في صحيحة زرارة و الفضيل المتقدمة.و لا يمكن حمل السنة فيها على ما لم يثبت من الكتاب;لثبوت الجماعة به ايضا كما مر.
و كذا في صحيحة محمد السابقة حيث جعل الشغل عذرا، و لا يترك الواجب بالشغل.
فالاخبار المذكورة محمولة على تاكد الاستحباب و شدته، او على من تركها استخفافا كما يشعر به التقييد بالرغبة عنه في جملة منها.
و تحمل تارة ايضا على الجماعة الواجبة، و اخرى على الحضور مع المعصوم، و ثالثة بانها لعلها كانت واجبة فنسخت، و لم ار قائلا بهما.
و كيف كان، فطريقة الايمان عدم الترك من غير عذر سيما مع الاستمرار عليه، فانه-كما ورد-لا يمنع الشيطان من شي ء من العبادات منعها (21) ، و يعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة و نحوها حيث لا يمكنهم انكارها، لان فضلها من ضروريات ديننا.
تعليقات:
1) البقرة: 43.
2) التهذيب 3: 25-85، ثواب الاعمال: 37، الوسائل 8: 285 ابواب صلاة الجماعة ب 1ح 1.
3) الكافي 3: 371 الصلاة ب 54 ح 1، التهذيب 3: 24-82، الوسائل 8: 286 ابواب صلاة الجماعة ب 1 ح 3.
4) التهذيب 3: 25-88، الوسائل 5: 240 ابواب احكام المساجد ب 33 ح 4.
5) الكافي 3: 490 الصلاة ب 107 ح 1، التهذيب 3: 250-688، المحاسن: 56-86، الوسائل 5: 252 ابواب احكام المساجد ب 44 ح 3;بتفاوت يسير.
6) الفقيه 1: 246-1098، الوسائل 8: 295 ابواب صلاة الجماعة ب 3 ح 2.
7) روض الجنان: 362، المستدرك 6: 443 ابواب صلاة الجماعة ب 1 ح 3.
8) النفلية: 39.
9) الوسائل 8: 285 ابواب صلاة الجماعة ب 1.
10) الكافي 3: 372 الصلاة ب 54 ح 6، التهذيب 3: 24-83، الوسائل 8: 285 ابواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2.
11) الفقيه 1: 245-1091، الوسائل 8: 291 ابواب صلاة الجماعة ب 2 ح 3.
12) التهذيب 3: 266-753، الوسائل 8: 293 ابواب صلاة الجماعة ب 2 ح 9.
13) الفقيه 1: 245-1092، الوسائل 8: 291 ابواب صلاة الجماعة ب 2 ح 4.
14) التهذيب 3: 25-87، الوسائل 8: 293 ابواب صلاة الجماعة ب 2 ح 10.
15) التهذيب 6: 241-596، الاستبصار 3: 12-33، الوسائل 27: 392 ابواب الشهادات ب 41 ح 2.
16) مجالس الصدوق: 392-14، المحاسن: 84-20، ثواب الاعمال: 276-2;الوسائل 8:
292 ابواب صلاة الجماعة ب 2 ح 6.
17) مجالس الشيخ: 705، الوسائل 5: 195 ابواب احكام المساجد ب 2 ح 7.
18) مجالس الشيخ: 705، الوسائل 5: 196 ابواب احكام المساجد ب 2 ح 9.و ما بين المعقوفين اضفناه من المصدر.
19) انظر بداية المجتهد 1: 141، و بدائع الصنائع 1: 155.
20) انظر نيل الاوطار 3: 151.
21) لم نعثر على رواية بهذا المضمون، و الظاهر انه من كلام المجلسي (ره) في البحار 85: 16.