ذكروا أن البخاري ألّف صحيحه في بيت الحرام(1)، والتزم عند كتابة كل حديث أن يغتسل غسلاً ويصلّي ركعتين ثم يكتب (2)، وقد سمع صحيحه منه تسعون ألفاً، ورووا عنه، وأنت إذا سمعت هذا كلّه، وأمعنت النظر فيها، وتأملت في مطاويها وحوافيها، فمن الآن فاستمع ما يتلى عليك ونحن نبدأ أولاً بذكر جملة من التعصّبات فنقول:
قد أنكر كثير من أعيان علمائهم كثيراً من الأخبار الواضحة المتضافرة بل المتواترة بطرقهم المروية، وجملة منها في صحاحهم لما رأوا فيها من الدلالة على الحق الواضح القويم، ويحسبونه هيّناً، وهو عندالله عظيم، وهي على ما يظهر بالتّتبع كثيرة، نذكر شطراً يسيراً.
منها:بعضها مذكور في الصحاح، وبعضها مشهور مأثور في كثير من كتبهم المعتبرة المعوّل عليها.
أما الكبرى:فادلتها مبسوطة مشروحة في كتب الفريقين، ولنكتف من الأخبار المذكورة في كتب القوم مما يتعلق بالمقام بنبذ يسير، فالجرعة تدل على
1 . وقد قيل أنه بعد ما خرج إلى خراسان صنّف كتابه الصحيح، ولذلك قال ابن حجر:«...وخرج إِلى خراسان ووضع كتابه «الصحيح» فعظم شأنه وعلا ذكره»، تهذيب التهذيب 9:47، ويؤيد ذلك قوله:صنّفت كتابي الصحاح لستّ عشرة سنة، واقامته في الحجاز ومجاورته البيت أقل من ذلك، فراجع. 2 . تاريخ بغداد 2:9، تاريخ مدينة دمشق 52:72.