3 ـ روى أصحاب السير والتاريخ، أنّ رجلا من قبيلة حمير عرف أنّه سيولد في أرض مكة نبي الإسلام الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ولما خاف أن لا يدركه، كتب رسالة وسلّمها لأحد أقاربه حتى يسلّمها إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حينما يبعث، وممّا جاء في تلك الرسالة قوله:
«وإن لم أدرك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني»(1)
ولمّا وصلت الرسالة إلى يد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: «مرحباً بتُبَّع الأخ الصالح» فإنّ وصف النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لطالبالشفاعة بالأخالصالح، أوضح دليل على أنّه أمر لا يتعارض وأُصول العقيدة.
4 ـ وروى المفيد عن ابن عباس أنّ أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ لمّا غسّل النبيوكفّنه كشف عن وجهه وقال:
«بأبي أنت وأُمّي طبتَ حيّاً وطبت ميتاً... اذكرنا عند ربك»(2).
وروى الشريف الرضي في «نهج البلاغة»: أنّ عليّاً ـ عليه السلام ـ قال عندما ولي غسل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ :
«بأبي أنت وأُمّي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك»(3).
5 ـ روي أنّه لمّا توفي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أقبل أبوبكر فكشف عن وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله وقال:
«بأبي أنت وأُمّي طبت حياً وميتاً اذكرنا يا محمد عند ربّك ولنكن من بالك»(4).
وهذا استشفاع بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في دار الدنيا بعد موته.
6 ـ وختاماً نذكر ما ذكره الدكتور عبد الملك السعدي في كتابه «البدعة في مفهومها الإسلامي الدقيق»: أمّا طلب الشفاعة من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بصورة عامّة وبدون قيد بعد أذان أو غيره فقد ورد في السنّة، حيث قد طلبها منه بعض الصحابةـ رضي الله عنهم ـ دون نكير من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .
(1) ابن شهر آشوب 1: 12 ; السيرة الحلبية: 2: 88. (2) مجالس المفيد، المجلس الثاني عشر: ص 103. (3) نهج البلاغة: الخطبة 235. (4) السيرة الحلبيّة 3: 474، طـ دار المعرفة بيروت.