شفاعة فی الکتاب و السنة

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 92/ 56
نمايش فراداده

فلا يملك الشفاعة بهذا المعنى إلاّ هو، وبذلك يردّ القرآن على المشركين الذين كانوا يزعمون أنّ أربابهم يملكون الشفاعة المطلقة فالشفاعة بهذا المعنى غير مسؤولة ولا مطلوبة من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ . والمسؤول والمطلوب من النبي والصالحين هو الشفاعة المرخّصة المحدّدة، من الله سبحانه، أي ما رخّص لهم في أن يشفعوا ويطلبوا لعباده الغفران، فمثل هذه الشفاعة المرخّصة المأذونة ليست له; لأنّه سبحانه فوق كل شيء، لا يَستأذن ولا يُؤذن ولا يُحدّد فعله.

وبعبارة واضحة: المراد من قوله سبحانه: ( قل لله الشفاعة جميعاً)(1)

ليس أنّه سبحانه هو الشفيع دون غيره; إذ من الواضح أنّه سبحانه لا يشفع عند غيره، بل المراد أنّ المالك لمقام الشفاعة هو سبحانه وأنّه لا يشفع أحد في حقّ أحد إلاّ بإذنه للشفيع وارتضائه للمشفوع له، ولكن هذا المقام ثابت لله سبحانه بالأصالة والاستقلال، ولغيره بالاكتساب والإجازة، قال سبحانه:

( وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(2).

فالآية صريحة في أنّ من شهد بالحق يملك الشفاعة ولكن تمليكاً منه سبحانه وفي طول ملكه.

(1) الزمر: 44.

(2) الزخرف: 86.