وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 116
نمايش فراداده

«إنَّما يُسافَرُ إلى ثَلاثَةِ مَساجِدَ: مسْجِدِ الْكَعْبَةِ وَ مَسْجدي وَ مَسْجِدِ إيلِيا».

و روي أيضاً بصورة ثالثة، و هي:

«تُشَدُّ الرِّحالُ إلى ثَلاثةِ مَساجِدَ...».(1)

لا شك في وجود هذا الحديث في الصحاح، و لسنا الآن في مقام مناقشة الحديث، لكون أبي هريرة في طريقه، بل مقصودنا هو مفاد الحديث.

و لنفرض أنّ نصّ الحديث هو: «لا تُشَدُّ الرحال إلاّ إلى ثَلاثَةِ مَساجِدَ...» فمن الثابت أنّ «إلاّ» هي أداة استثناء و لابدّ من وجود المستثنى منه، و يجب تحديده، و بما أنه مففقود في النصّ فلابدّ من تقديره في الكلام، و قبل الأشارة إلى القرائن الموجودة يمكن تقدير المستثنى منه في صورتين:

1ـ لا تُشَدُّ إلى مَسْجِد مِنَ الْمَساجِد إلاّ ثَلاثة مَساجِد...

2ـ لا تُشَدُّ إلى مَكان مِنَ الأمْكِنَة إلاّ ثَلاثَة مَساجد...

إنّ فهم الحديث و الوقوف على معناه يتوقّف على ثبوت أحد هذين التقديرين، فإن اخترنا التقدير الأول كان معنى الحديث عدم شدّ الرحال إلى أىّ مسجد من المساجد سوى المساجد الثلاثة، و لا يعني عدم جواز شدّ الرحال إلى أىّ مكان حتّى لو لم يكن مسجداً.

فلا يشمل النهي مَن يشدّ الرحال لزيارة قبور الأنبياء و الأئمة الطاهرين و الصالحين، لأنّ موضوع البحث هو شدّ الرحال إلى المساجد ـ باستثناء المساجد

1. أورد مسلم هذه الأحاديث الثلاثة في صحيحه: 4/126، كتاب الحج، باب لا تشدّ الرحال ; و ذكره أبو داود في سننه 1/469، كتاب الحج ; و كذلك النسائي في سننه المطبوع مع شرح السيوطي: 2/37 ـ 38.