وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 117
نمايش فراداده

الثلاثة المذكورة ـ و أمّا شدّ الرحال إلى زيارة المشاهد المشرّفة فليس مشمولا للنهي و لا داخلا في موضوعه.

هذا على التقدير الأوّل.

و أمّا على التقدير الثاني فلازمُه أن تكون كافّة السفرات المعنويّة ـ ما عدا السفر إلى المناطق الثلاث المذكورة ـ محرَّمة، سواء أكان السفر من أجل زيارة المسجد أو زيارة مناطق أُخرى.

ولكن القرائن و الدلائل تُشير إلى أنّ التقدير الأوّل هو الصحيح، بناءً على صحة سَند الحديث و اعتباره.

أما القرائن على صحة التقدير الأوّل فهي كالآتي:

أوّلا: لأنّ المساجد الثلاثة هي المستثناة، و الاستثناء هنا متّصل ـ كما هو واضح ـ فلابدّ أن يكون المستثنى منه هو: المساجد لا المكان.(1)

ثانياً: لو كان الهدف هو منع كافَّة السفرات المعنويَّة لما صحَّ الحصر في هذا المقام، لأنّ الإنسان يشدّ الرحال في موسم الحجّ للسفر إلى «عرفات» و «المشعر» و «منى» فلو كانت السفرات الدينية ـ لغير المساجد الثلاثة ـ محرَّمة، فلماذا يُشدّ الرحال إلى هذه المناطق؟!

ثالثاً: لقد أشار القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة إلى بعض الأسفار الدينية، و جاء التحريض عليها و الترغيب فيها، كالسفر من أجل الجهاد في سبيل اللّه و طلب

1. لو قال قائل: ما جاء إلاّ زيد، فالمستثنى منه ـ في هذا الجملة ـ هو: الانسان أو القوم أو ما شابه ذلك، و ليس المستثنى منه كلمةُ عامّة كالشيء و الموجود، سواء كان إنساناً أو غيره.