إلاّ إلى ثلاثة مساجد...» فإنّه لا يعني أنّ شدَّ الرحال إلى المساجد الأُخرى حرام، بل معناه أنّ المساجد الأُخرى لا تستحقّ شدّ الرحال إليها، و تحمّل مشاق السفر من أجل زيارتها، لأنّ المساجد الأُخرى لا تختلف ـ من حيث الفضيلة ـ مع الآخر اختلافاً كبيراً.(1) فالمسجد ـ سواء كان في المدينة أو في القرية أو في المنطقة ـ لا يختلف مع الآخر فثواب اقامة الصلاة في المسجد الجامع في أي بلد من البلاد واحد، فلا ملزم للسفر عندئذ لاقامة الصلاة في جامع مثله ، وعليه فلا داعي إلى أن يشدّ الإنسان الرحال إليه، أمّا إذا شدّ الرحال إليه فليس عمله هذا حراماً و لا مخالفاً للسُّنَّة الشريفة.
و يدلّ عليه ما رواه أصحاب الصحاح و السُّنن:
«كان رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يأتي مسجد قُبا راكباً وماشياً فيصلّي فيه ركعتين».(2)
ولنا أن نتساءل: كيف يمكن أن يكون شدّ الرحال و قطع المسافات من أجل إقامة الصلاة ـ مخلصاً للّه ـ في بيت من بيوته سبحانه حراماً و منهياً عنه؟!!
1. إلاّ مسجد الكوفة فقد ورد في فضله أحاديث كثيرة و لا يخفى أن المساجد الأُخرى تختلف في الفضيلة ـ كمسجد السوق و القبيلة لكن النهي انما هو السفر من مسجد الى مسجد مثله دون السفر من مسجد القبيلة الى جامع البلد.2. صحيح مسلم: 4 / 127. و راجع في هذا المعنى صحيح البخاري: 2 / 76، السُّنن للنسائي المطبوع مع شرح السيوطي: 2 / 37.