بعد هذا كلّه... لا مجال للمناقشة في سَند الحديث أو الطعن فيه.
و أمّا دلالته، فلو قدَّمتَ هذا الحديث إلى من يُحسن اللُّغة العربية جيّداً و يتمتّع بصفاء فكر، بعيد عن مجادلات الوهّابيّين و شُبهاتهم حول مسألة التوسّل، ثم سألته: بماذا أمر النبىّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ ذلك الأعمى عند ما علّمه ذلك الدعاء؟
فسيكون جوابه ـ فوراً ـ : لقد علَّمه النبي أن يتوسَّل إلى اللّه بنبيّه نبيِّ الرحمة، و يُشفِّعه فيه.
و هذا المعنى هو بالضبط ما يُفهم من كلمات الحديث المذكور، و فيما يلي نُقسِّم الحديث إلى جُمل لمزيد التوضيح:
أ: «اللّهُمَّ إنّي أسْألُكَ وَ أتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّكَ».
إنّ كلمة «نبيِّك» تتعلَّق بما قبلها، أي «أسألُك» و «أتوجَّه إليك»، و بعبارة أوضح: إنّه يسأل اللّه تعالى بواسطة النبىّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ كما أنه يتوجَّه إلى اللّه بجاه النبي و وسيلته أيضاً، و المقصود من «النبي» نفسه المقدّسة لا دعاؤه.
أمّا من يقدِّر كلمة «دعاء» ، في قوله: «أسألك بنبيِّك» اي بدعاء نبيّك .فهو يتحكّم بلا دليل و يدَّعي خلاف الظاهر، و السبب في هذا الادّعاء هو أنّه لا يعتقد بالتوسّل بنفس النبي، فيلجأ إلى تقدير «دعاء» ليقول: إنّ التوسّل بدعاء النبي لا إشكال فيه، و بهذا يُبرِّر باطلَه.
ب: «مُحَمّد نبىّ الرحمة».