أرأيت ـ أيّها القارئ ـ كيف يُكرّر النبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ السؤال عن وجود الأصنام في المكان الّذي تُذبح فيه الذبائح؟!
إنّ هذا دليل على أنّ النذر الحرام هو النذر للأصنام، حيث كان ذلك عادة أهل الجاهلية، كما قال تعالى:
(...وَ ما ذُبِح عَلَى النُّصُبِ... ذلِكُمْ فِسْقٌ)(1).
و كلّ من اطّلع على أحوال الزائرين للعَتبات المقدَّسة و مراقد أولياء اللّه الصالحين يعلم جيّداً أنهم ينذرون للّه تعالى و لرضاه، و يذبحون الذبائح باسمه عزَّوجلَّ، بهدف انتفاع صاحب القبر بثوابها، و انتفاع الفقراء بلحومها.
و ختاماً لهذا الفصل نذكر كلمة للخالدي ـ بعد أن ذكر ما رواه أبو داود في سُننه ـ قال:
«و أمّا استدلال الخوارج بهذا الحديث على عدم جواز النذر في أماكن الأنبياء و الصالحين، زاعمين أنّ الأنبياء و الصالحين أوثان ـ و العياذ باللّه ـ و أعياد مِن أعياد الجاهلية، فهو من ضَلالاتهم و خرافاتهم و تجاسُرهم على أنبياء اللّه و أوليائه، حتّى سمَّوهم أوثانا، و هنا غاية التحقير لهم، خصوصاً الأنبياء، فإنّ مَن انتقصَهم ـ ولو بالكناية ـ يَكفُر و لا تُقبل توبتُه ـ في بعض الأقوال ـ وهؤلاء المخذلون بجهلهم يُسمّون التوسُّل بهم عبادة و يُسمُّونهم أوثاناً، فلا عبرة بجهالة هؤلاء و ضلالاتهم، و اللّه أعلم» (2).
1. المائدة: 3.2. صلح الاخوان: 109.