«لا شكّ أنّ آثار رسول اللّه ـ صفوة خلق اللّه و أفضل النبيّين ـ أثبتُ وجوداً و أشهر ذِكراً، فهي أولى بذلك «التبرّك» و أحرى، و قد شهده الجمّ الغفير من الصحابة و أجمعوا على التبرّك بها، والاهتمام بجمعها، و هم الهداة المهديّون و القدوة الصالحون، فتبرّكوا بشَعراته و بفضل وضوئه، و بعَرَقه، و بثيابه، و بمسّ جسده الشريف، و بغير ذلك ممّا عُرف من آثاره الشريفة الّتي صحَّت به الأخبار عن الأخيار»(1).
و يكفي في ذلك ما رواه الامام أحمد في مسنده:
«إنّ رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يؤتى إليه بالصبيان فيُبرّك عليهم و يُحنّكهم»(2).
4ـ و قد كان الصحابة يتبرّكون بفضل وضوئه و غسله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقد روى البخاري:
«خرج علينا رسول اللّه بالهاجرة، فأُتي بوضوء فتوضّأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه و يتمسّحون به»(3).
و قد وردت في ذلك روايات مَلأت الصحاح و المسانيد.
5ـ و كان الصحابة يتبرّكون بشَعره ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقد روى أنس:
«أنّ رسول اللّه لمّا حَلق رأسه كان أبو طلحة أوّل من أخذ شَعره»(4).
إنّ قوله: «كان أبو طلحة أوّل من أخذ شَعره» يدلّ على أنّ الصحابة تسابقوا
1. تبرّك الصحابة: 5.2. مسند أحمد: 6 / 212.3. صحيح البخاري: 1 / 59; فتح الباري: 1 / 256. 4. صحيح البخاري: 1 / 54.