وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 180
نمايش فراداده

قال المرحوم الشيخ الأميني:

«إنّ هذا الحديث يُعطينا خُبراً بأنّ المنع عن التوسّل بالقبور الطاهرة إنما هو من بَدعِ الأُمويّين و ضلالاتهم، منذ عهد الصحابة، و لم تسمع اُذُن الدنيا قطّ صحابيّاً يُنكر ذلك، غيرَ ـ وليدُ بيت أُميّة ـ مروان الغاشم!!

نعم... لِبني أُميّة ـ عامّة ـ و لمروان ـ خاصّة ـ ضغينة ـ على رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منذ يوم لم يُبقِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ للأُسرة الأُمويَّة حرمة إلاّ هتكها، و لا ناموساً إلاّ مزَّقه، و لا ركناً إلاّ أباده، و ذلك بوقيعته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيهم وهو لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى علَّمه شديدُ القوى، فقد صحَّ عنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قوله: «إذا بلغتْ بنو أُميَّة أربعين، اتَّخذوا عبادَ اللّه خولا، و مالَ اللّه نحلا، و كتاب اللّه دَغَلا»(1).

و ترى أنّ أبا أيّوب الأنصاري يردّ على مروان ـ لمّا قال له: هل تدري ما تصنع؟ ـ بقوله: نعم إنّي لم آتِ الحجَر، إنّما جئت رسول اللّه و لم آتِ الحجَر...

أىّ أنّ الهدف من التوسّل و التبرّك هو رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الّذي نعتقد بعدم الفرق بين حياته ومماته ـ من هذه الجهة ـ و إلاّ فالتراب و الحجَر لا قيمة لهما، إلاّ أنّ الحجر و التراب حولَ قبر رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد اكتسبا القيمة والشرف بذلك.

أيّها القارئ الكريم: إنّ البخاري قد عقد في صحيحه ـ الّذي يُعتبر أصحّ الكتب عند أهل السُّنّة ـ باباً سمّاهُ: باب ما ذُكر من درع النبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ و عصاه و سيفه و قَدَحه و خاتمه و ما استعمل الخلفاء بعده من ذلك ـ ممّا لم يُذكر قِسْمَتُه ـ و من شَعره

1. الغدير: 5 / 129ـ130.