كما أنّ أوّل كتاب صدر ضدَّه من علماء الشيعة هو كتاب «منهج الرشاد» للشيخ الكبير المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء (المتوفّى سنة 1228 هـ ) و قد كتب كتابه هذا جواباً على رسالة بعثها إليه الأمير عبدالعزيز بن سعود ـ أحد الأُمراء السعوديّين في وقته ـ و قد زيَّف في كتابه أفكار محمّد بن عبدالوهّاب و أثبت بطلانها على ضوء القرآن و السنّة. و قد طبع الكتاب في عام 1343 هـ في النجف الأشرف في العراق.
ثم تتابَع الردّ و النقد في ظروف مختلفة، و صدرت الكُتب تترى واحدة تلو الأُخرى، حتى زماننا هذا.
و في عصرنا الحاضر صعَّد الوهّابيّون حَملاتهم المسعورة ضدّ مخالفيهم من المسلمين، بفضل الثروة الطائلة التي يجنيها آل سعود من أرباح البترول العائدة إليهم فقط.
لقد خصّصت السلطة السعودية جزءاً كبيراً من أرباح البترول لترويج هذا المذهب المفرِّق و نشره بين المسلمين، ولولا هذه الأموال الطائلة لما عاش هذا المذهب الواهي إلى هذا الوقت.
لقد وَجد الاستعمار ضالَّته في هذا المذهب، و اتّخذه خير وسيلة لإلقاء التفرقة بين المسلمين وتشتيت صفوفهم، و ضرْب بعضهم البعض.
و قد حقّق هذا المذهب أهداف الاستعمار الغاشم الأثيم، فتراه قد أوجد الفتنة بين المسلمين، هذا يُفسّق ذاك و ذاك يُكفّر هذا... و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلىّ العظيم.
أيّها القارئ الكريم: لقد قرَّرنا ـ فى هذا الكتاب ـ أن نطرح عقائد الوهّابيّين
على بساط البحث والتحقيق، و نرفع الستار عن حقيقتها، حتى يثبت لك أنّ عقائد المسلمين مستندة إلى القرآن و السُّنّة المطهّرة، و أنّ عقائد الوهّابيّين مخالفة للقرآن و سُنَّة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، و قد انتهجنا اُسلوب الإيجاز و الاختصار.
تُعتبر مسألة بناء القبور و تشييد مراقد الأنبياء و أولياء الله الصالحين من المسائل الحسّاسة عند الوهّابيّين، و قد كان ابن تيميّة ـ و تلميذه ابن القيّم ـ أوّل من أفتى بحرمة بنائها و وجوب هدمها.
يقول ابن القيّم:
يجب هدم المشاهد الّتي بُنيتْ على القبور، و لا يجوز إبقاؤها ـ بعد القدرة على هدمها و إبطالها ـ يوماً واحداً.(1)
و في عام (1344 هـ ) بعد ما استولى آل سعود على مكّة المكرمة و المدينة المنوّرة و ضواحيهما، بدأوا يبحثون عن دليل يبرّر لهم هدم المراقد المقدَّسة في البقيع و محو آثار أهل البيت ـ عليهم السلام ـ و الصحابة، فلجأوا إلى الاستفتاء من علماء المدينة المنوّرة حول حرمة البناء على القبور، محاولة منهم لتبرير موقفهم أمام الرأي العامّ الإسلامي ـ و خاصَّة في الحجاز ـ لأنّهم كانوا يُدركون جيّداً أن المسلمين في الحجاز هم كالمسلمين في كلّ مكان، يعتقدون بكرامة أولياء الله وقدسيَّتهم و جواز البناء على قبورهم، فحاول الوهّابيّون أن يُلبسوا جريمتهم هذه بلباس الإسلام، دفعاً لنقمة المسلمين! سبحان الله!!
1. زاد المعاد في هدي خير العباد: 661.